وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) الآية.
يخبر ـ والله أعلم ـ أن ما يأمر خلقه وينهى ليس يأمر وينهى لحاجة له أو لمنفعة ؛ ولكن يأمر وينهى لحاجة الخلق ومنافعهم ؛ إذ من له ما في السموات وما في الأرض وملكهما ـ لا يقع له حاجة (١) ولا منفعة ، وهو غنى بذاته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)
عليما : عن علم بأحوالكم خلقكم ، لا عن جهل ، وعليما بما به صلاحكم وفسادكم.
(حَكِيماً) : حيث وضع كل شيء موضعه.
ويحتمل قوله ـ تعالى ـ (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وجها آخر ، وهو : [الذي تكفرونه](٢) يقدر أن يخلق خلقا آخر سواكم يطيعونه ؛ إذ له ما في السموات وما في الأرض ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)(١٧٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ)
والغلو في الدين : هو المجاوزة عن الحد الذي حد لهم ، وكذلك الاعتداء : هو المجاوزة عن الحد الذي [حد لهم](٣) في الفعل وفي النطق جميعا.
وقال بعضهم : تفسير الغلو ما ذكر : (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) ؛ فالقول على الله بما لا يليق [به](٤) غلو.
وقيل : لا تغلوا : أي لا تعمّقوا في دينكم ، ولا تشدّدوا ؛ فيحملكم ذلك على الافتراء على الله ، والقول بما لا يحل ولا يليق.
__________________
(١) في ب : الحاجة.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : إن تكفروا.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.