قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا)(٣)
قوله ـ تعالى ـ : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : احفظوا أموالهم إلى أن يخرجوا من اليتم (١) ، فإذا خرجوا من اليتم أعطوهم أموالهم.
ويحتمل قوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)(٢) ، أي : أنفقوا عليهم من أموالهم ، ووسعوا عليهم النفقة ولا تضيقوها لينظروا إلى أموال غيرهم.
(وَآتُوا) ، بمعنى : آتوا لوقت الخروج من اليتم ، أي : احفظوا ؛ لتؤتوا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ)
أي : لا تأخذوا الخبيث فتتركوا لهم ما وعد لكم في الآخرة بحفظ أموالهم.
وقيل : لا تأخذوا الجياد من ماله وتعطى الدون من ماله (٣) ؛ فذلك تبديل الخبيث بالطيب.
وقيل : لا تأكلوا الخبيث : وهو أموال اليتامى ، وتذروا الطيب : وهو أموالكم ؛ إشفاقا على أموالكم أن [تفنى](٤).
وقيل : لا تأكلوا الحرام مكان الحلال (٥) ؛ لأن أكل مال اليتيم حرام ، وأكل ماله حلال ؛
__________________
(١) اليتم : الانفراد ، أو فقدان الأب ، وفي البهائم : فقدان الأم ، واليتيم : الفرد وكل شيء يعز نظيره ، واليتيم : ما لم يبلغ الحلم.
ينظر : ترتيب القاموس المحيط (٤ / ٦٧٠) (يتم).
(٢) قال القرطبي (٥ / ٨) : وإيتاء اليتامى أموالهم يكون بوجهين :
أحدهما : إجراء الطعام والكسوة ما دامت الولاية ؛ إذ لا يمكن إلا ذلك لمن لا يستحق الأخذ الكلي والاستبداد كالصغير والسفيه الكبير.
والثاني : الإيتاء بالتمكن وإسلام المال إليه ، وذلك عند الابتلاء والإرشاد ، وتكون التسمية مجازا.
وقال القاسمي (٥ / ١٢) ـ بعد أن ذكر أربعة أقوال ـ قال في الرابع : أن يراد بهم : ما ذكر ، وب (إيتائهم) الأموال ألا يطمع فيها الأولياء والأوصياء ولاة السوء وقضاته ، ويكفوا عنها أيديهم الخاطئة ؛ حتى تؤتى اليتامى إذا بلغوا سالمة غير محذوفة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٢٥) (٨٤٣٩) عن إبراهيم ، وبرقم (٨٤٤١) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٠٨) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في الأصول : تبقى.
(٥) أخرجه ابن جرير (٧ / ٥٢٥) (٨٤٣٦ ، ٨٤٣٧ ، ٨٤٣٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٠٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.