بِالنَّفْسِ ....)(١) الآية.
قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٤٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...) إلى آخره.
أخبر الله ـ عزوجل ـ أنه كان كتب على أهل التوراة : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، وقد كتب علينا ـ أيضا ـ قتل النفس بالنفس بقوله ـ تعالى ـ : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) [البقرة : ١٧٨] ؛ كأنه قال : كتب عليكم القصاص في النفس بالنفس ، كما كنت كتبت [عليهم](٢).
وأما القصاص فيما دون النفس : فإنه لم يبين في الآية التي أخبر ـ عزوجل ـ أنه كتب علينا القصاص في النفس.
ثم يحتمل أن يكون قوله : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ ...) إلى آخر ما ذكر وجهين :
يحتمل : أن يكون إخبارا عما كان مكتوبا عليهم من القصاص فيما دون النفس : كالنفس ؛ ألا ترى أنه قد قرئ في بعض القراءات بالنصب ؛ نسقا على الأول؟!
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٤ / ١٦٨) كتاب الديات : باب النفس بالنفس (٤٤٩٤) ، والنسائي (٨ / ١٨) كتاب القسامة : باب تأويل قول الله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) ، والحاكم (٤ / ٣٦٦) ، والبيهقي (٨ / ٢٤) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : «كان قريظة والنضير ، وكان النضير أشرف من قريظة ، وكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من الضير قتل به ، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة أدى مائة وسق من تمر ، فلما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة ، فقالوا : ادفعوه إلينا نقتله ، فقالوا : بيننا وبينكم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأتوه ، فنزلت (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ). والقسط : النفس بالنفس ، ثم نزلت (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة : ٥٠]. وهذا إسناد ضعيف ؛ لأن رواية سماك عن عكرمة مضطربة كما في التقريب. والحديث ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥٠٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير (٤ / ٥٨٣) ، رقم (١١٩٨٠) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي. وفاته أن يعزوه إلى أبي داود والنسائي. وأخرجه الطبري (٤ / ٥٩٨) ، رقم (١٢٠٦٩) عن ابن جريج بنحوه.
(٢) سقط من ب.