على ذلك ، ويضمرون الخلاف لهم والعداوة ، والمودة للكفرة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) [التوبة : ٧٤] (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) [التوبة : ٩٦] ، ونحو ذلك ، فذلك معنى قوله : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) ، والله أعلم.
وقوله : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ).
أي : حبطت أعمالهم التي عملوها قبل إسرار ما أسروا في أنفسهم إذ أسروا ذلك (١) ، (فَأَصْبَحُوا) ، أي : صاروا خاسرين بعد الافتضاح ؛ حيث ذهبت منافعهم التي كانت لهم قبل الافتضاح وظهور نفاقهم.
ويحتمل قوله ـ تعالى ـ : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) : التي عملوا ظاهرا ؛ مراءاة للناس.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)(٥٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ...) الآية
قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) : إن قوله : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ) ـ وإن كان حرف توحيد وتفريد ـ فإن المراد منه الجماعة ؛ ألا ترى أنه قال : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ)؟! دل هذا على أن المراد منه الجماعة والعصابة ، ولأن الواحد ـ والاثنين ـ إذا (٢) ارتد عن الإسلام يؤخذ ويحبس ويقتل إن أبى الإسلام ، والجماعة إذا ارتدوا عن الإسلام احتيج إلى نصب الحرب والقتال ؛ على ما نصب أبو بكر الحرب مع أهل الردة.
وفي الآية دلالة إمامة أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لأن العرب لما ارتدت [عن الإسلام](٣) بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاربهم ؛ فكان هو ومن قام بحربهم ممن أحب الله وأحبه الله.
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) قال : هو ـ والله ـ
__________________
(١) في أ : في ذلك.
(٢) في ب : إذ.
(٣) سقط من ب.