وقال قتادة : لأعطتهم الأرض نباتها (١) ، والمساء بركتها (٢) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ).
قيل فيه بوجهين :
قيل : (أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) من أسلم منهم (٣).
وقيل : منهم أمة مقتصدة على كتاب الله لم يحرفوه ، ولا غيروه ، ولا كتموا شيئا ، ولا سعوا في الأرض بالفساد على ما عمل أكثرهم من التحريف والتغيير (٤) ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)(٧١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)
هذا ـ والله أعلم ـ وذلك أن أهل الكفر كانوا على طبقات ثلاث :
منهم من يقول : (لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [سبأ : ٣١] ، وقولهم (٥) : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦].
ومنهم من كان يخوفه ويمكر به ، ليقتلوه ؛ كقوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ...) الآية [الأنفال : ٣٠].
ومنهم من كان يعرض عليه النساء والأموال ؛ ليترك ذلك ، وألا يدعوهم إلى دينه الذي
__________________
(١) في ب : بركتها.
(٢) أخرجه ابن جرير (٤ / ٦٤٥) ، (١٢٢٦٢). وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥٢٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه بمعناه ابن جرير (٤ / ٦٤٦) ، (١٢٢٦٧) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥٢٧) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٤) أخرجه بمعناه ابن جرير (٨ / ٤٦٤) (١٢٢٧٢) عن الربيع بن أنس ، وزاد نسبته لأبي الشيخ.
(٥) في ب : وقوله.