قيل له : [إن قوله ـ تعالى ـ :](١)(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) ـ إنما أوجب أنهم أولى ببعض من الأجنبيين ؛ بين ذلك قوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) [الأحزاب : ٦] ؛ لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة ، فنسخ الله ذلك ، وجعل الميراث لذوي القرابة. وليس في الآية دليل على أن القريب أولى بالميراث ممن هو أبعد منه في القرابة ، وقال الله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) [النساء : ١٧٦] ، يقول ـ والله أعلم ـ : الأخ من الأب يرث الأخت المال كله ؛ إن لم يكن لها ولد ، وترث من الأخ النصف إذا كان هو الميت ، وقال الله سبحانه وتعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] ؛ فأجمعوا أن الأختين وما زاد من الميراث سواء. وقال الله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء : ١٧٦] فأجمعوا أن الرجل والمرأة إذا مات أحدهما وترك أخا وأختا فما زاد على ذلك من الذكور والإناث كان الميراث بينهم : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ؛ فهذا ما نص الله ـ تعالى ـ عليه في فرائض المواريث.
وقد تكلم أهل العلم في الردّ (٢) ، والعول (٣) ، وميراث ذوي الأرحام :
فأما ميراث ذوي الأرحام : فإن الله ـ تعالى ـ قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) [الأنفال : ٧٥] ، فمن زعم أن المال لبيت المال فلم يجعل بعض الأرحام أولى ببعض ؛ بل جعل الغرباء أولى بالميت من أولى الأرحام ؛ فكان قول المورثين عندنا أولى ، وهو قول عمر ، وعلى ، وعبد الله [بن مسعود](٤) ، وجماعة من الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ إلا زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ فإنه جعل ذلك لبيت المال.
فإن قيل : إن قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) [الأنفال : ٧٥] إنما هو فيمن سمى الله لهم سهاما.
قيل : في الخبر دليل أنه في غير الذين سمى الله لهم سهاما : ما روي عن عمر [بن
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في ب : قول الله.
(٢) الرد في اللغة : مصدر «رددت الشيء» ، وفي الاصطلاح : دفع ما فضل عن ذوي الفروض النسبية إليهم ، بقدر حقوقهم ؛ عند عدم استحقاق الغير.
انظر : المصباح المنير (رد) شرح السراجية ص (٢٢٨).
(٣) العول : مصدر «عال يعول» ، ومن معانيه : الارتفاع والزيادة ، يقال : عالت الفريضة : إذا ارتفع حسابها وزادت سهامها ؛ فنقصت الأنصباء ، وفي الاصطلاح : هو أن يزاد على المخرج شيء من أجزائه كسدسه أو ثلثه أو نحو ذلك من الكسور الموجودة فيه إذا ضاق المخرج عن فرض ، أو هو زيادة سهام الفروض عن أصل المسألة ، بزيادة كسورها عن الواحد. ينظر : لسان العرب (عول) شرح السراجية (١٩٤).
(٤) ما بين المعقوفين سقط من ب.