وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ).
قيل : من يطع الله في أداء فرائضه [وسنة رسوله](١).
(يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ...) إلى آخر ما ذكر.
وقيل : ومن يطع الله فيما أمر ونهي ، وأطاع رسوله في أمره ونهيه ؛ فله ما ذكر.
وقيل : إذا أطاع الله فقد أطاع رسوله ، وإذا أطاع رسوله فقد أطاع الله ـ تعالى ـ وهو واحد ، كقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) ـ تعالى ـ : فيما أمر ونهي ، وحرّم وأحل ، (وَرَسُولَهُ) : فيما بلغ وبين.
وقيل : ذا ليس بتفريق ، لكن من الذي يطيع الله هو الذي يطيع رسوله ؛ لأنه إلى طاعة الله ـ تعالى ـ دعاه ، وعلى عبادته رغب ؛ فتكون طاعته طاعته ، كقوله ـ تعالى ـ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ، وكقوله ـ سبحانه ـ : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي ...) الآية [آل عمران : ٣١]
وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ)(٢)
وهذا كذلك ـ أيضا ـ إذا عصى الله ؛ فقد تعدى حدوده ، ومن تعدى حدوده فقد عصى الله.
ويحتمل قوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) : فيما لم ير أمره أمرا ونهيه نهيا ، (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) ، يعني : أحكامه وشرائعه ، أي : لم يرها حقّا ـ :
(يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها)
وله ما ذكر.
قوله تعالى : (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً)(١٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) ، (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما)
قيل : كان هذان الحكمان في أول الإسلام : الأول منهما للمرأة ، والثاني للرجل.
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في ب : ورسوله في سنته.
(٢) قال القرطبي (٥ / ٥٤) : والعصيان إن أريد به الكفر فالخلود على بابه ، وإن أريد به الكبائر وتجاوز أوامر الله ـ تعالى ـ فالخلود مستعار لمدة ؛ كما تقول : خلّد الله ملكه.