جرت السنة في الإماء بحدهن من غير ذكر الحبس ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) [النساء : ٢٥] والمذكور في الثيب يحتمل : يجلد في حال ويرجم في حال ؛ إذ لا كل ثيب يجلد ، وإن كان ثم نسخ بما ذكر من خبر ماعز وغيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَآذُوهُما) [قيل : فآذوهما](١) بالحدّ (٢).
وقيل : فآذوهما بالتعيير (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا) كفّوا عن ذلك (٣). وقيل : سبوهما ، لكن ذا قبيح ، والتعيير أقرب (٤).
قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(١٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ)
يحتمل قوله : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ) كذا ؛ أي : توفيق التوبة وهدايته على الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذا كانت نفسه ترغب فيها ، وتميل إليها على الله أن يوفقه على ذلك ؛ إذا علم الله منه أنه يتوب.
ويحتمل قوله : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) سبحانه وتعالى أي : قبول التوبة على الله ـ تعالى ـ إذا تاب ورجع عما كان فيه وارتكبه.
وفي قوله ـ أيضا ـ : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ)(٥) لمن ذكر ، يحتمل قبولها بمعنى أن الذي
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) أخرجه ابن جرير (٨ / ٨٦) (٨٨٢٣ ، ٨٨٢٤) عن مجاهد ، و (٨٨٢٧) عن مجاهد ، و (٨٨٢٨) عن الضحاك و (٨٨٢٩) (٨٨٣١) عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ٨٤) (٨٨٢٠) عن السدي ، وعن ابن عباس برقم (٨٨٢٢) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣١) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم من طريق على عن ابن عباس ، وابن المنذر عن ابن عباس والضحاك.
(٤) أخرجه ابن جرير (٨ / ٨٥) (٨٢٢١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣١) وعزاه للبيهقي في سننه عن مجاهد بن جبر.
(٥) قال القرطبي (٥ / ٦٠) : هذه الآية عامة لكل من عمل ذنبا. وقيل : لمن جهل فقط ، والتوبة لكل من عمل ذنبا في موضع آخر. واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) [النور : ٣١]. وتصح من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه ـ خلافا للمعتزلة في قولهم : لا يكون تائبا من أقام على ذنب. ولا فرق بين معصية ومعصية ـ هذا مذهب أهل السنة. ـ