الكافرين (١).
وقيل : إنهما جميعا في المؤمنين ، والثالثة في الكفار.
وقيل : إن الأولى في المؤمنين ، والثانية في المنافقين ، والثالثة : في الكفار.
وعن عمر [بن الخطاب](٢) ـ رضي الله عنه ـ قال : إن الله ـ تعالى ـ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (٣).
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من تاب قبل أن تغرغر نفسه ويعاين الملائكة قبل الله توبته» (٤).
والأصل في هذا أن توبة الكافر تقبل إذا كان توبته توبة اختيار ، وأمّا إذا كانت توبته توبة اضطرار ودفع فإنها لا تقبل أبدا ؛ كقوله : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) [الأنعام : ١٥٨] إذا كان إيمانه إيمان دفع واضطرار عند معاينة العذاب فإنه لا يقبل أبدا ، وهو ـ أيضا ـ كإيمان فرعون ، حيث قال : (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ ...) الآية [يونس : ٩٠] لم يقبل إيمانه ؛ لأنه إيمان دفع واضطرار ؛ فعلى ذلك كل إيمان كان إيمان دفع واضطرار فإنه لا يقبل أبدا ، وكقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ) [غافر : ٨٤].
وقيل : قوله ـ عزوجل ـ : (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ...) توبة تشريط ، فلم تقبل ؛ لأنه لم يقطع القول فيه قطعا.
وقيل : في قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا
__________________
ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) [النساء : ١٨] وهو الخلود. وإن كانت الإشارة بقوله إلى الجميع فهو في جهة العصاة عذاب لا خلود معه ؛ وهذا على أن السيئات ما دون الكفر ؛ أي ليست التوبة لمن عمل دون الكفر من السيئات ثم تاب عند الموت ، ولا لمن مات كافرا فتاب يوم القيامة. وقد قيل : إن السيئات هنا الكفر ، فيكون المعنى وليست التوبة للكفار الذين يتوبون عند الموت ، ولا للذين يموتون وهم كفار.
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٠٠) (٨٨٦٥) عن الربيع بن أنس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٣) وعزاه لابن جرير عن ابن عباس بلفظ : (هم أهل الشرك).
انظر البحر لأبي حيان (٣ / ٢١١).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٣) هذا الحديث روي مرفوعا من حديث عبد الله بن عمر ، أخرجه : الترمذي (٥ / ٥٠٧) : باب فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله بعباده (٣٥٣٧) ، وقال : حسن غريب ، وابن ماجه (٥ / ٦٤١ ـ ٦٤٢) كتاب الزهد : باب ذكر التوبة ، رقم (٤٢٥٣) ، وأحمد في مسنده (٢ / ١٣٢ و ١٣٥) ، والحاكم (٤ / ٢٥٧) ، وأبو نعيم في الحلية (٥ / ١٩٠).
(٤) أخرجه أحمد (٥ / ٣٦٢) وذكره الهيثمي في المجمع (١٠ / ٢٠٠) وعزاه لأحمد ، وقال : ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن وهو ثقة.