حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) هم الذين يتوبون عند معاينتهم الموت ؛ أخبر أنه لا يقبل توبتهم ؛ لأنهم يتوبون توبة دفع واضطرار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) لا تقبل توبتهم ، لأنهم يتوبون في الآخرة ؛ دفع العذاب عن أنفسهم ؛ كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا) [الأنعام : ١٤٨] و (ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣].
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)(١٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً).
قال بعضهم : كان يجوز لهم أن يرثوا النساء طوعا ؛ لأنه إنما نهي أن يرثوهن كرها ، فكان فيه دليل جواز وراثتهن طوعا.
وأما عندنا : فإنه ليس فيه دليل جواز وراثتهن طوعا ، وإن كان النهي إنما كان في حال الكره ؛ لأن الأصل عندنا : أن ليس في حظر الحكم في حال دليل إباحته في حال أخرى ، ولا في إباحته في حال دليل حظره في حالة أخرى ، ولا في حله في حال دليل حرمته في حال أخرى ، ولا في حرمته في حال دليل حله في حال أخرى ، دليل ذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) [الإسراء : ٣١] ليس على أن لهم أن يقتلوا إذا لم يخشوا الإملاق ، وقوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) [الأحزاب : ٥٠] ليس فيه أنه لا يحل له ؛ إذا لم يؤت أجورهن ، وقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) [النساء : ٣].
والقصة في الآية ما قيل : إن الرجل إذا مات وترك امرأة ، كان أولياؤه أحق بامرأته من ولى نفسها : إن شاءوا تزوجوها وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يتزوجوها ؛ فنزلت الآية في ذلك.
[وقيل ـ أيضا ـ : كانوا](١) في أول الإسلام إذا مات الرجل أقبل أقرب الناس منه فيلقي على امرأته ثوبا فيحدث (٢) نكاحها طوعا وكرها ؛ فنزلت الآية في ذلك (٣).
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في ب : وقيل كانوا أيضا.
(٢) في ب : خيرت.
(٣) أخرجه بنحوه ابن جرير (٨ / ١٠٧ ـ ١٠٩) (٨٨٧٧) عن السدي ، و (٨٨٧٨) عن الضحاك ، (٨٨٨٢) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٤) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس.