في الفراق خيرا كثيرا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) [النساء : ١٣٠].
قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١) وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً)(٢٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً)(١) والقنطار : قيل : مائة رطل.
وقيل في حرف ابن مسعود : «قنطارا من الذهب».
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : إن كرهت امرأتك أو أعجبتك (٢) غيرها ؛ فطلقت هذه وتزوجت تلك ، فأعط هذه مهرها وإن كان قنطارا.
والقنطار : اثنا عشر ألف درهم ، أو ألف دينار.
وقيل : القنطار ألف ومائتا دينار ، فهذا على التمثيل ، ليس على التقدير ، ووجه النهي والوعيد في ذلك ـ والله أعلم ـ ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ النّساء عندكم عوان ، اتّخذتموهنّ بأمانة الله ـ تعالى ـ واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله تعالى» (٣) فوعد ـ عزوجل ـ الأزواج في غير آى من القرآن عن أخذ مهور النساء وغيرها من الأموال ؛ لضعفهن في أنفسهن ، والرجال هم القوامون عليهن (٤) ؛ لئلا يبسط الأزواج في أموالهن ؛ إشفاقا عليهن ، أو لما إذا أخذ منها مهرها تبقى تلك المنفعة بلا بدل ، وذلك زنا ؛ وعلى هذا يجىء ألا يجوز له أن يخلطها ؛ لأنه إذا أخذ منها مهرها بقيت له المنفعة بلا بدل ، لكنه أجيز له ذلك ؛ لأنه تقلب في الملك ، وكل من تقلب في ملكه ببدل يأخذه جاز له ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً)
__________________
(١) قال القرطبي : اختلف العلماء إذا كان الزوجان يريدان الفراق ، وكان منها نشوز وسوء عشرة ـ : فقال مالك : للزوج أن يأخذ منها إذا تسببت في الفراق ولا يراعي تسببه هو. وقال جماعة من العلماء : لا يجوز له أخذ المال إلا أن تنفرد هي بالنشوز وتطلبه في ذلك.
(٢) في ب : أعجبك.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ١١٩) (٨٩٠٦) بلفظه عن جابر بن عبد الله ، وبألفاظ متقاربة وأخرجه بطوله مسلم في صحيحه (٢ / ٨٨٦ ـ ٨٩٢) في الحج : باب حجة النبي صلىاللهعليهوسلم (١٢١٨) ، وأحمد (٣ / ٣٢٠) ، وأبو داود (٢ / ١٨٢ ـ ١٨٦) في كتاب الحج : باب صفة حجة النبي صلىاللهعليهوسلم (١٩٠٥).
(٤) في ب : على النساء.