الأمهات والربائب ، فنقول : أمهات نسائكم من ربائبكم اللاتى دخلتم بهن ، ولم يحتج إلى أن يذكر (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) على ما اكتفى بذكر الحرمة في الأنساب والرضاع في الأصول عن الشعوب ، فلما لم يكتف بذلك ، دل أن الربائب مخصوصات بالشرط دون الأمهات ، ومما يبين ذلك أن الربيبة لو لم تذكر لم يجز أن يبقى من الكلام : وأمهات نسائكم اللاتى دخلتم بهن ولو لم يذكر الأمهات ، فبقي من الكلام : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) ـ كان كلاما [تامّا](١) ؛ فدل ذلك على أن قوله ـ تعالى ـ : (مِنْ نِسائِكُمُ) إنما هو في الربائب دون الأمهات.
وأصله : ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده [أنه](٢) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيّما رجل تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها أو ماتت عنده ، فلا بأس بأن يتزوّج ابنتها. وأيّما رجل تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها أو ماتت عنده فلا يحلّ له أن يتزوّج أمّها» (٣).
وعن ابن عباس وعمران بن حصين (٤) في «أمهات نسائكم» ، قالا : هي مبهمة (٥).
وقال أكثر أهل العلم : إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ، لم يجز له أن يتزوج ابنتها ، وإن لم تكن ربيبة وفي بيته وحجره ، وهي في ذلك بمنزلتها لو كانت في حجره يربيها.
وأجمعوا جميعا : أن الجمع بين المرأة وأمّها وابنتها في الجماع في ملك اليمين حرام.
وكذلك روى عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه سئل عن ذلك؟ فقال : ما أحب ذلك.
فإن قال قائل : إن الخطاب ـ كما ذكرت ـ يدل على أن الشرط في الدخول بالأمهات إنما هو بسبب الربائب ، فما تنكر أن يكون حكم الأمّهات حكم الربائب كما كان حكم
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٤٦) (٨٩٥٦) ، والبيهقي في الكبرى (٧ / ١٦٠). وذكره السيوطي (٢ / ٢٤٢) وزاد نسبته لعبد الرزاق في مصنفه وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعي ، روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم عدة أحاديث ، وكان إسلامه يوم خبير ، وغزا عدة غزوات ، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح. مات سنة ٥٢ أو ٥٣ ه.
تنظر ترجمته في : الإصابة : ترجمة (٦٠٢٤) ، أسد الغابة ترجمة (٤٠٤٨) ، الاستيعاب ترجمة (١٩٩٢).
(٥) أخرجه البيهقي في الكبرى (٧ / ١٦٠) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٦ / ٢٧٤) (١٠٨١٣) كتاب النكاح : «باب أمهات نسائكم» ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٤٢) وزاد ونسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي شيبة.