التحريم إنما يكون بالاستمتاع بها لا غير.
وروي ـ أيضا ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من نظر إلى فرج امرأة لم تحلّ له أمّها ولا ابنتها» (١).
وعن عمران بن حصين في رجل زنى بأم امرأته قال : حرمت عليه امرأته.
وعن عبد الله قال : لا ينظر الله في رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
إلى هذه الأخبار ذهب أصحابنا ، رحمهمالله.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ ...) الآية. الأصل : أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ بين المحرمات في الأنساب بيان الإبلاغ ، وفي غير الأنساب بيان الكفاية ؛ إذ بين في الأنساب الحرمة في الطرفين : في اللواتي علون وسفلن : نحو الأمهات والبنات ، ثم في اللواتي يتصلن بالآباء والأمهات : نحو العمات والخالات ، ثم في اللواتي يشركن الطرفين بالاسم : كالأخوات.
وذكر في الرضاع من الأنفس أحد الطرفين ، وفي الشعوب ما يشركن الطرفين ؛ على الاكتفاء بذكر طرف من الأنفس عن الطرف الآخر ، وبذكر المشتركات من الشعوب ؛ اكتفاء عن ذكر المنفردات ؛ فعلى ذلك أمر الأنفس في خطاب الحرمات ، فلما ذكر في ذلك الأمهات (٢) والبنات جميعا على ما ذكر في الواحد فيما كان المذكور في نوعه بحق الكفاية من البيان ، لا بحق الإبلاغ ؛ دل أن ذلك لما أريد به التفريق في الأمرين وأيد ذلك خبر عبد الله بن عمر (٣) ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأقاويل جماعة الصحابة مع ما كان في ذلك إمكان شبهة محضة ؛ إذ لو اقتصر على إبداء الآية الحرمة بالعقد لا يزال ذلك بالشك ، على أن وجه الاعتبار الاستواء في الحرمة قبل الدخول ؛ لتكون حرمة الابنة (٤) على الأم في زوجها حرمة الأم عليها على ما عليهما أمر الابن من الأب في زوجته ، لكن فرق من حيث إساءة الرجل في الاختيار إذا اختار الأم على الابنة (٥) إن علم ، أو الغفلة إن لم يكن علم ، وحق مثله الزجر عنه ، والتوبة عن مثله ، فجعل له مفارقتها لابنتها ، وقد يعلم بذلك قبل الدخول ، على أن الدخول (٦) مذكر له ما كان بها في حال الاستمتاع بها ،
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٤٣) وعزاه لابن أبي شيبة ، عن أبي هانئ ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٢) في ب : للأمهات.
(٣) في ب : عمرو.
(٤) في ب : البنت.
(٥) في ب : البنت.
(٦) في الأصول : المدخول.