|
أطوارا ، فإذا قارنّا حالة اللغة الفرنسية في العصور الوسطى وجدنا أنّها مغايرة للّغة المستعملة في القرن السابع عشر ، وهذه أيضا مختلفة عن لغتنا اليوم. هذه الوحدة في اللغة الفرنسية لا تتضح إلاّ بالبحث والمقارنة ، في حين أنّ وحدة اللغة العربية تتّضح للقارئ ولو كان أجنبيا لأوّل وهلة (١). |
وبنظرنا أنّ فضل بقاء هذه الوحدة اللغوية المحبكة يرجع إلى الإسلام والقرآن ـ ذلك الكتاب السماوي المنزل على نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الّذي حافظ على قوام هذه اللغة ، وهو الذي جعل منها لغة عالمية يؤذّن بها الفيلبيني ، ويصلّي بها الأمريكي ، ويتلو قرآنها الصيني والهندي والفارسي ويدعو بها الأسباني والإيطالي و ...
وعليه ، فالكلمة العربية هي لغة الدين ، وهي مركّبة من المادّة الصوتية والقيمة التعبيرية الموحية ، ولكلّ حرف منها ظلّ وشعاع ، وصدى وإشعاع ، ولو جمع الواحد منها مع الآخر كان له معنى ومفهوم يغاير الآخر ، وإن كان البعض ـ كابن جني ـ يرى سرّا في هكذا اختلاف ، لأنّ « صعد » غير « سعد » إذ أنّ ما هو بالصاد جاء للصعود من الجبل والحائط لأنّها قوية ، والسين لضعفها لما لا يظهر ولا يشاهد حسا ، إلاّ أنّه مع ذلك فيه صعود الجدّ ، لا صعود الجسم ، فجعلوا الصاد لقوتها فيما يشاهد من الافعال المعالجة المتجشمة ، وجعلوا السين لضعفها فيما تعرفه النفس وإنّ لم تره العين (٢).
__________________
(١) الفصحى من لغة القرآن.
(٢) انظر الخصائص ٢ : ١٦١.