ثمّ ذكر بعد أكثر من صفحة معنى تنمّر « أي تنكّر وأوعد لأن النمر لا تلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان ... » ، ثمّ استرسل في ذر الاستعمالات حتّى قال بعد عشرين سطرا : « وفي حديث الحديبية : قد لبسوا لك جلود النمور ، هو كناية عن شدّة الحقد والغضب تشبيها بأخلاق النّمر وشراسته ... ».
ثمّ قال بعد ثمانية أسطر : « وفي الحديث : فجاءه قوم مجتابي النمار ... كأنّها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض ... » ، ثمّ استرسل فذكر بعض الآثار إلى ان قال : « وفي حديث خباب : لكنّ حمزة لم يترك له إلاّ نمرة ملحاء ، وفي حديث سعد : نبطي في حبوته ، اعرابيّ في نمرته ، اسد في تامورته ... ».
فهذه المعاني كلها ترجع إلى النّمر الحيوان المفترس المعروف ، نراها مشتتة في المادة غير مجموعة في مكان واحد.
ولم يذكر في التهذيب إلا « وفي الحديث فجاءه قوم مجتابي النمار » (١) ، ولم يذكر في الصحاح ولا القاموس شيئا من الأثر.
وأما السيّد عليّ خان فإنه أفرد الأثر ، فقال :
|
« نهى عن ركوب النمار » ويروى النمور ، وهما جمع نمر ، أي جلودها لما فيها من الريبة والخيلاء ، ولأنّه زي العجم ، ولان شعره لا يقبل الدباغ ، ولعل اكثر جلودها انما تؤخذ بعد موتها ؛ لان اصطيادها عسير. وفي حديث الحديبية « لبسوا جلود النمور » أي اظهروا العداوة وكشفوها وتشمروا للشر وجدّوا في إبدائه ، أو اشتد حقدهم وغضبهم! تشبيها بأخلاق النمور وشراستها. |
__________________
(١) التهذيب ، للازهري ١٥ : ٢١٩.