وفي التكملة : الأوب : السحاب ، والأوب الريح ، والأوب جماعة النّحل ، قال المتنخّل الهذلي ـ واسمه مالك بن عويمر ـ يرثي ابنه أثيلة :
ربّاء شمّاء لا
يدنو لقلّتها |
|
إلاّ سحاب وإلاّ
الأوب والسّبل |
وفي اللسان : الاوب النحل ، وهو اسم جمع ؛ كأنّ الواحد آيب ، قال الهذلي : ربآء شمّاء ... البيت ، وقال أبو حنيفة : سمّيت أوبا لإيابها إلى المباءة ، قال : وهي لا تزال في مسارحها ذاهبة وراجعة ، حتّى إذا جنح الليل آبت كلّها ، حتّى لا يتخلّف منها شيء.
وذكر الفيروزآبادي في القاموس النحل من معاني الاوب ، وشرح عبارته الزبيدي مستدلاّ بقول الهذلي آنف الذكر ، ثمّ نقل قول أبي حنيفة في ذلك.
فواضح أنّ الجميع أخذوا المعنى من قول المتنخل الهذلي ، مفسّرين للأوب بالنحل ، لكن السيّد المصنّف لم يرتض هذا التفسير لأنّه لا يتلائم مع معنى البيت الشعري تماما ، وإن كان له وجه فضعيف ، ولذلك أعرض المصنف رحمهالله عنه ، لأنّ مجرّد رجوع النحل إلى بيوتها ليلا يصحح وصفها بالأوب ، ولكن لا يصححّ وصف العلوّ والشمم في الجبال ، لأنّ النحل لا يرجع إلى خصوص الاماكن المرتفعة من الهضاب ، بل يرجع إلى بيوته اينما كانت ، فإذن يكون مراد الشاعر في وصفه عن الهضبة ومنعتها غير ما ذكروه ، إذ كون الاوب بمعنى المطر انسب واوفق بهذا الوصف ، لأنّ المكان العالي المرتفع لا يصله إلاّ السحاب والمطر والسّبل ، ووصفه بذلك هو عين المبالغة في علوّه.
فالمطر يسمّى أوبا ويسمّى رجعا ، قال الزمخشري : سمّي المطر رجعا ، كما سمّي أوبا ، قال :
ربّاء شماء لا
يأوي لقلّتها |
|
إلاّ السحاب
وإلاّ الاوب والسّبل |