تسميةً بمصدري رجع وآب ، وذلك أنّ العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثمّ يرجعه إلى الأرض ، وأرادوا التفاؤل فسمّوه رجعا وأوبا ، ليرجع ويؤوب ، وقيل لأنّ الله يرجعه وقتا فوقتا. (١)
وقال القرطبي في تفسيره : وقد يسمّى المطر أيضا أوبا كما يسمّى رجعا ، قال :
ربّاء شماء لا
يأوي لقلّتها |
|
إلاّ السحاب
وإلاّ الاوب والسّبل (٢) |
والذي يؤيّد ما ذهب إليه السيّد المدني ، قول إمام البلاغة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام في خطبته الشقشقية : أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أنّ محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السّيل ، ولا يرقى إليّ الطير (٣) ...
قال ابن أبي الحديد في شرح قوله عليهالسلام « ينحدر عني السيل » : يعني رفعة منزلته عليهالسلام ، كأنّه في ذروة جبل أو يفاع مشرف ، ينحدر السيل عنه إلى الوهاد والغيطان ، قال الهذلي :
وعيطاء يكثر
فيها الزليل |
|
وينحدر السيل
عنها انحدارا (٤) |
وهنا تتجلى دقة السيّد المصنّف في اقتناص المعاني ، وإثبات ما هو الصحيح الموافق لكلام العرب ، دون النقل المجرّد بلا تدقيق ولا تحقيق ، ولذلك لم يتابعهم في تفسيرهم الاوب بالنحل.
وتتضح هذه الميزة في منهجيته في تدوين اللغة بما لا يقبل الشك ، حيث صرّح برفضه لتفسيرهم « الجأب » ، في مادة « جأب » حيث قال :
__________________
(١) الكشاف ٤ : ٧٣٦.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ : ١٠.
(٣) نهج البلاغة ١ : ٣١ / الخطبة ٣.
(٤) شرح النهج ١ : ١٥٢.