إلى ما ذهب إليه الجوهري من أنّه القرن أول ما يطلع.
وقال الزمخشري في الاساس : وظبية وبقرة جأبة المدرى : شديدة القرن ، قال طرفة يصف ظبية ذات غزال :
جأبة المدرى
خذول مغزل |
|
تنفض الضّال
وأفنان السّمر |
وهنا تبدو دقّة السيّد المصنّف في اقتناص المعاني وفصل بعضها عن بعض ، ولذلك لاحظ ما نقله الازهري والجوهري عن أبي عبيدة وشمر ، وما نقله الصاحب والفيروزآبادي وابن منظور وغيرهم ، ثمّ لاحظ ما نقله الزمخشري ، فخرج بنتيجة لغوية متّزنة من خلال الشاهد الشعري واستعمالاته ، فتخطى تصريحات من صرّحوا أن معناها القرن اول ما يطلع وإن كانوا من عمالقة اللغة ، لأنّ ما اعتمدوا عليه من الشواهد يغلّطهم ويحكي غير ما توهّموه ، فإنّ شعر بشر وشعر طرفة ، كلاهما فيه أنّ الظبية الموصوفة « خذول » وهي من الظباء والبقر التي تخذل صواحبها وتنفرد مع ولدها (١) ، ومعنى هذا أنّ عندها ولدا ، فكيف يستقيم هذا مع قولهم إنّها مكنى عليها بالصغر وبدو طلوع قرنها؟! وإذا قلنا إنّ الخذول هي مطلق المتخلّفة عن القطيع المنفردة عن صواحبها ، فهنا يبقى قول طرفة « مغزل » أي انها ذات غزال ، وهذا لا محالة دليل على كبر سنّها واستواء قرنها ، لا إنّ قرنها طالع توّا. وهذا ما فات على الكثير من اللغويين ولم ينبهوا عليه ، التفت إليه السيّد المصنّف ونبه عليه مصرّحا بذلك ، وأبان عن منهجه في فهم اللغة وتدوينها.
* ومن حسنى فصله للمعاني بعد اقتناص الصحيح منها ، قوله في مادة « فطأ » :
« ورجل أفطأ : أفطس أو دونه ؛ وذلك إذا كان في أنفه تطامن كأنّه فطس. وهو بيّن
__________________
(١) انظر مادة « خذل » من لسان العرب ١١ : ٢٠٢.