ومن ميزاته في المثل ـ كدأبه في كل مواد الكتاب ـ دقته ، وذكره للالتفاتات الذكية التي لا يعثر عليها بسهولة ، بل تحتاج إلى بحث واستقصاء ودقة نظر.
* ففي مادة « فرأ » قال : « كل الصيد في جوف الفرا » أصله أنّ ثلاثة نفر اصطاد أحدهم ظبيا ... وتمثل به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، لا أبي سفيان بن حرب كما توهّمه غير واحد.
وهذه ملاحظة نادرة ، فإن عامة كتب الأمثال لم تذكر سوى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تمثل به في أبي سفيان (١).
ومثل كتب الأمثال صنعت كتب الأثر ، فلم تبين من هو أبو سفيان الذي تمثل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا المثل فيه (٢).
واقتصرت على ذلك أكثر معاجم اللغة ، كالتهذيب (٣) ، ومعجم مقاييس اللغة ، ولسان العرب ، والتاج وغيرها.
وقد صرّح من بين كتب الأمثال أبو عبيد بأنه أبو سفيان بن حرب ، وقال البكري في فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لأبي عبيد معلقا على ذلك : وقد روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما قال هذا المثل لأبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، لا لأبي سفيان بن حرب (٤).
وقال أبو الفرج في الاغاني (٥) ، والجاحظ في البيان والتبيين (٦) ، أنّه أبو سفيان
__________________
(١) انظر جمهرة الأمثال ١ : ١٦٣ ، والمستقصى ٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، ومجمع الأمثال ٢ : ١٣٦.
(٢) انظر الفائق ١ : ٢٢٣ ، والغريبين ٥ : ١٤٢٣ ، والنهاية الأثيرية ١ : ٢٩٠ ، ٣ : ٤٢٢.
(٣) تهذيب اللغة ١٥ : ٢٣٩.
(٤) فصل المقال ١ : ١٠ ـ ١١.
(٥) الاغاني ٦ : ٣٦.
(٦) البيان والتبيين ١ : ٢٢٠.