وقوله ـ عزوجل ـ : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ).
قيل (١) : أي : نردد الآيات [ليعلم] كل مزدجره. أو يقول : كيف نصرف الآيات ليعلم كل صدقها وحقيقتها أنها من الله جاءت.
(لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) : يحتمل وجوها :
صرفها ليفقهوا ، وذلك يرجع إلى المؤمنين خاصة.
والثاني : (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) ، أي : ليلزمهم (٢) أن يفقهوا ، وقد ألزم الكل أن يفقهوا ، لكن من لم يفقه إنما لم يفقه ؛ لأنه نظر إليه بعين الاستخفاف.
والثالث : (نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي : نصرف الرسل (٣) ونبلغها (٤) إليهم على رجاء أن يفقهوا ، لكي (٥) يفقهوا ؛ إن نظروا فيها وتأملوها.
وذكر (لَعَلَّهُمْ) ؛ لأن منهم من فقه ، ومنهم من لم يفقه.
(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ).
يحتمل به : القرآن ، ويحتمل : بما ذكر من الآيات ، ويحتمل : الإيمان به والتوحيد.
(وَهُوَ الْحَقُ) وكذب به قومك
وهم أحق أن يصدقوك بما جئت به وأنبأتهم ؛ لأنك نشأت بين أظهرهم ، فلم تأت كذبا قط (٦) ، ولا رأوك (٧) تختلف إلى أحد يعلمك ، فهم أحق أن يصدقوك بما جئت به وأنبأتهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ).
قال عامة أهل التأويل (٨) : الوكيل : الحفيظ ، والوكيل : هو القائم في الأمر ، أي : لست بقائم عليكم ؛ لأكرهكم على التوحيد والإيمان شئتم أو أبيتم ، ولست بحافظ على
__________________
(١) ذكره ابن جرير (٥ / ٢٢٤) بنحوه.
(٢) في ب : لزمهم.
(٣) في أ : الرسول.
(٤) في أ : يبلغها.
(٥) في أ : لكن.
(٦) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] نادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قريش بطنا بطنا فقال : «أرأيتم لو قلت لكم إن خيلا بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي»؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا قط. رواه الشيخان.
ينظر سبل الهدى والرشاد (٢ / ٢٠٠).
(٧) زاد في ب : أن.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٢٤) (١٣٣٨٥) عن السدي وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٧) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.