وقد يكون بمعنى الإعلام ؛ قال ـ تعالى ـ : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [الإسراء : ٤] أي : أعلمناهم إعلاما قاطعا. وقد يكون لبيان الغاية [والانتهاء عنه والختم ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً) أي : ختم ذلك وأتمه ، وقد](١) يكون غير ما ذكرنا (٢).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) (قضى) على عشرة أوجه :
منها «قضى» بمعنى : وصى ؛ قال تعالى في سورة الإسراء : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)[الإسراء : ٢٣] يعني : ووصى ربك ، وقال تعالى في سورة القصص : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ)[القصص : ٤٤] يعني : وعهدنا إلى موسى ، ووصيناه بالرسالة إلى فرعون.
والوجه الثاني «قضى» بمعنى : أخبر ؛ قال سبحانه في سورة الإسراء : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ)[الإسراء : ٤] بمعنى : أخبرنا بني إسرائيل في التوراة ، وقال تعالى في سورة الحجر : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [الحجر : ٦٦] يعني : وعهدنا إلى لوط ، فأخبرناه : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)[الحجر : ٦٦].
والوجه الثالث «قضى» بمعنى : فرغ ؛ قال تعالى في سورة النساء : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ)[النساء : ١٠٣] بمعنى : فإذا فرغتم من الصلاة ، وكقوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ)[البقرة : ٢٠٠] يعني : فرغتم ، وكقوله تعالى في سورة الجمعة : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ)[الجمعة : ١٠] : أي : فإذا فرغت ، وقال تعالى في سورة الأحقاف : (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)[الأحقاف : ٢٩] يعني : فرغ.
والوجه الرابع «قضى» بمعنى : فعل ؛ قال تعالى في سورة طه : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)[طه : ٧٢] يعني : افعل ما أنت فاعل (إِنَّما تَقْضِي)[طه : ٧٢] : إنما تفعل ، وقال تعالى ـ أيضا ـ في سورة الأنفال : (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)[الأنفال : ٤٤] يعني : ليفعل الله أمرا كان قضاه في علمه أن يفعل ، ومثلها في سورة مريم ، قوله تعالى : (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[مريم : ٣٥] ، وقال تعالى في سورة الأحزاب : (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً)[الأحزاب : ٣٦] يعني : إذا فعل الله ورسوله شيئا من أمر تزويج زينب ، وقال في سورة آل عمران ـ في أمر عيسى : (إِذا قَضى أَمْراً)[آل عمران : ٤٧].
والوجه الخامس «قضى» : نزل الموت ؛ قال تعالى في سورة الزخرف : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)[الزخرف : ٧٧] يعني : لينزل علينا ربك الموت ، وقال تعالى في سورة فاطر : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)[فاطر : ٣٦] يعني : لا ينزل عليهم الموت ، وقال تعالى في سورة القصص : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)[القصص : ١٥] فأنزل به الموت.
والوجه السادس «قضى» بمعنى : وجب ؛ قال تعالى في سورة يوسف : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ)[يوسف : ٤١] يعني : وجب الأمر ، وقال تعالى في سورة إبراهيم : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ)[إبراهيم : ٢٢] لما وجب الأمر ، أي : العذاب ، وقال تعالى في سورة البقرة : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ)[البقرة : ٢١٠] يعني : وجب العذاب ووقع.
والوجه السابع «قضى» يعني : كتب ؛ قال تعالى في سورة مريم : (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا)[مريم : ٢١] يعني : مكتوبا في اللوح المحفوظ أن عيسى سيكون.
والوجه الثامن «قضى» بمعنى : أتم ؛ قال سبحانه وتعالى في سورة القصص : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ)[القصص : ٢٩] يعني : فلما أتم موسى الأجل يعني : شرطه ، وكقوله تعالى فيها : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) [القصص : ٢٨] أي : أتممت ، وقال سبحانه وتعالى في سورة الأنعام : (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى)[الأنعام : ٦٠] يعني : ليتم ، وكقوله تعالى ـ