ثم قوله : (قَضى أَجَلاً) يحتمل هذا كله سوى الأمر.
ثم قوله : (قَضى أَجَلاً) قيل (١) : هو الموت ، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) يوم القيامة ، أطلعنا على أحد الأجلين وهو الموت ؛ لأنا نرى من يموت ونعاين ، ولم يطلعنا على الآخر وهو الساعة والقيامة.
وقيل (٢) : (قَضى أَجَلاً) : أجل الدنيا من خلقك إلى أن تموت ، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) يوم القيامة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ).
أي : تشكون وتكذبون بعد هذا كله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) هذا ـ والله أعلم ـ صلة قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) فإذا كان خالقهما لم يشركه أحد في خلقهما ، كان إله من في السموات وإله من في الأرض لم يشركه أحد في ألوهيته ، ولا في ربوبيته.
ويحتمل قوله : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) أي : [إلى الله تدبير](٣) ما في السموات وما في الأرض ، وحفظهما إليه ؛ لأنه هو المتفرد بخلق ذلك كله ؛ فإليه حفظ ذلك وتدبيره.
__________________
ـ في سورة طه : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ)[طه : ١١٤] أي : من قبل أن يتم إليك وحيه ، وقال تعالى في سورة الأحزاب : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ)[الأحزاب : ٢٣] يعني : أتم أجله ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ)[الأحزاب : ٢٣].
والوجه التاسع «قضى» بمعنى : فصل ؛ قال تعالى : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ)[الزمر : ٦٩] يعني : وفصل بينهم بالقضاء ؛ وقال تعالى في سورة الأنعام : (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)[الأنعام : ٥٨] يقول : لفصل الأمر بيني وبينكم ، وقال تعالى في سورة يونس : (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)[يونس : ٤٧] يعني : فصل بينهم ؛ وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ)[النمل : ٧٨] يعني : يفصل.
والوجه العاشر «قضى» يعني : خلق ؛ قال تعالى في سورة فصلت : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ)[فصلت : ١٢] يعني : خلقهن.
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٤٧) (١٣٠٦٥) عن مجاهد وعكرمة ، (١٣٠٦٨) عن ابن عباس ، (١٣٠٦٩) عن السدي وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٤٧) (١٣٠٦٠) عن ابن عباس (١٣٠٦٣) (١٣٠٦٦) عن قتادة والحسن البصري (١٣٠٦٤) عن مجاهد وعكرمة ، (١٣٠٦٧) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس ولعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ عن مجاهد ولعبد الرزاق وابن المنذر وأبي الشيخ عن قتادة والحسن.
(٣) في أ : الله يدبر.