[أي :](١) لتصرفنا. وقيل (٢) : تؤفكون : تكذبون ، أي : ما الذي حملكم على الكذب؟ والكذب والصرف واحد في الحقيقة ؛ لأن الكذب هو صرف قول الحق إلى الباطل ، وهما واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فالِقُ الْإِصْباحِ).
هو يحتمل الوجهين اللذين ذكرتهما في قوله : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) : خبر عن ابتداء خلقه.
ويحتمل الشق ، أي : يشق النهار من الليل ، والليل من النهار بعد ما تلف كل واحد منهما [حتى](٣) لم يبق له أثر ، ففيه دليل (٤) البعث والإحياء بعد الموت ، أي : أن الذي قدر على إنشاء النهار من الليل والليل من النهار بعد ما تلف وذهب أثره ـ لقادر على إنشاء الخلق ، وبعثهم بعد الموت وذهاب آثارهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً).
جعل الله الليل سكنا وراحة للخلق ، والنهار معاشا لهم يعيشون (٥) فيه ، وجعلهما آيتين من آيات ربوبيته ووحدانيته مسخرين ، يغلبان الخلائق ويقهرانهم ، ويكونون تحت سلطانهما ويجريان على سنن واحد ؛ [ومجرى واحد](٦) دل أن لهما مدبرا خالقا عليما ، ولو كانا يجريان بطباعهما لكان يختلف جريانهما ، ولم يتسق (٧) ، فدل اتساقهما وجريانهما مجرى واحدا أن لغير فيهما تدبيرا ؛ وكذلك الشمس والقمر جعلهما مسخرين لمنافع الخلق ؛ لنضج الأنزال وينعها (٨) ، ولمعرفة عدد الأيام والشهور والسنين ، ويجريان مجرى
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦١) وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : دلالة.
(٥) في أ : تعيشون.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : ولو لم يتسق ، والصواب ما أثبتناه.
(٨) الينع مثل النضج يقال : ينعت تينع ينعا ، وأينعت إيناعا فهي مونعة. وقال ابن الأنباري : الينع جمع يانع وهو المدرك البالغ ؛ كأنه جعله مثل صاحب وصحب ، وراكب وركب. قال الفراء : أينع أكثر من ينع. قال السمين الحلبي : وكأن هذا الحامل لأبي بكر على جعله جمعا لا مصدرا لئلا يجيء القرآن على اللغة القليلة ؛ إذ لو جاء على الكثير لقيل : إيناعه. وقرئ : (وينعه) قيل : هو جمع يانع. وكأنه جعله مثل خادم وخدم.
والينعة : الخرزة الحمراء ، ذكرها الفراء وأضاف : (ويانعه). وقال : فأما قوله : (وينعه) فمثل نضجه ، (ويانعه) مثل ناضجه. ينظر عمدة الحفاظ (٤ / ٤١٢) ومعاني القرآن : ١ / ٣٤٨.