بالحجامة (١) ؛ لأنه يفرض عليه الحجامة (٢) في حال إذا خاف عليه الهلاك ؛ إذا لم يحتجم وأما الأمر بالدق وغيره مما يشاكله : فهو ـ أمر إباحة ، لا أمر إلزام ؛ لذلك ضمن ما تولد منه ؛ فعلى ذلك السبّ الذي يسب آلهتهم إذا حملهم ذلك على سبّ الله ـ عزوجل ـ وسبّ رسوله لا يسبون ، وإن كانوا مستحقين لذلك ؛ لأنه قد ينهى الرجل أن يعود نفسه السبّ ؛ فعلى ذلك يجوز أن ينهوا عن سبّ آلهتهم ؛ مخافة الاعتياد لذلك نهوا عن سبّ آلهتهم.
__________________
ـ الرجال والنساء.
واستدلوا للوجوب بقوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)[النحل : ١٢٣] وقد جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اختتن إبراهيم النبي صلىاللهعليهوسلم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم» وأمرنا باتباع إبراهيم صلىاللهعليهوسلم ، أمر لنا بفعل تلك الأمور التي كان يفعلها فكانت من شرعنا.
وورد في الحديث كذلك : «ألق عنك شعر الكفر واختتن» قالوا : ولأن الختان لو لم يكن واجبا لما جاز كشف العورة من أجله ، ولما جاز نظر الخاتن إليها وكلاهما حرام ، ومن أدلة الوجوب كذلك أن الختان من شعار المسلمين فكان واجبا كسائر شعارهم.
وفي قوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا التقى الختانان وجب الغسل» دليل على أن النساء كن يختتن ، ولأن هناك فضلة فوجب إزالتها كالرجل. ومن الأدلة على الوجوب أن بقاء القلفة يحبس النجاسة ويمنع صحة الصلاة فتجب إزالتها.
وهذا القول نص عليه ابن قدامة في المغني ، وهو أن الختان واجب على الرجال ، ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن.
ينظر حاشية ابن عابدين (٥ / ٤٧٩) ، والاختيار (٤ / ١٦٧) ، والشرح الصغير (٢ / ١٥١) ، والمجموع (١ / ٣٠٠) ، والإنصاف (١ / ١٢٤).
(١) الحجامة : مأخوذة من الحجم أي المص. يقال : حجم الصبي ثدي أمه إذا مصه.
والحجام المصاص ، والحجامة صناعته والمحجم يطلق على الآلة التي يجمع فيها الدم وعلى مشرط الحجام فعن ابن عباس : «الشفاء في ثلاث شربة عسل وشرطة محجم وكية نار».
والحجامة في كلام الفقهاء قيدت عند البعض بإخراج الدم من القفا بواسطة المص بعد الشرط بالمحجم لا بالفصد. وذكر الزرقاني أن الحجامة لا تختص بالقفا بل تكون من سائر البدن. وإلى هذا ذهب الخطابي.
(٢) التداوي بالحجامة مندوب إليه ، وورد في ذلك عدة أحاديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم منها قوله : «خير ما تداويتم به الحجامة» ومنها قوله : «خير الدواء الحجامة».
ومنها ما رواه الشيخان : «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو لذعة بنار توافق الداء ، وما أحب أن أكتوي».
والحجام لا يضمن إذا فعل ما أمر به وتوفر شرطان :
أ ـ أن يكون قد بلغ مستوى في حذق صناعته يمكنه من مباشرتها بنجاح.
ب ـ ألا يتجاوز ما ينبغي أن يفعل في مثله.
ينظر لسان العرب مادة : (حجم) ، وإكمال الإكمال (٤ / ٢٦٥) ، الزرقاني على الموطأ (٢ / ١٨٧) ، وفتح الباري (١٢ / ٢٤٤) ، لسان العرب ، وتاج العروس مادة : (فصد) ، الطب النبوي (ص ٥٥) ، الترغيب والترهيب (٦ / ١١٤) وما بعدها.