ولا يحتمل ما قال الكيساني ـ أيضا ـ لأنه لا كل الكفرة كانوا يعبدون الأصنام ؛ ليقربهم ذلك إلى الله زلفى ؛ بل أكثرهم لا [يعرفون](١) أن لهم خالقا وربّا.
وتحتمل إضافة التزيين إلى الشيطان على جهة التمني والتشهي ؛ كقوله : (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) [النساء : ١١٩] وإضافته (٢) إلى الله على القدرة عليه والسلطان ، أو أن يخلق أعمالهم مزينة عندهم مسولة. وإضافة (٣) فعل الضلال والغواية إلى الشيطان على الدعاء إليه والترغيب فيه ، وإضافته إلى الله على أن يخلق فعل الضلال منهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ).
قد ذكرناه (٤).
(فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
في جزيل الثواب ، أو في أليم العذاب ؛ فهو على الوعيد.
قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ)(١١٣)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ).
قالوا : جهد أيمانهم (٥) : [أيمانهم](٦) بالله ، فهذا يخرج على وجوه :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : وإضافة.
(٣) في ب : فإضافة.
(٤) في سورة آل عمران آية : [٥٥].
(٥) الأيمان : جمع يمين ، وهي مؤنثة وتذكر. وتجمع أيضا على (أيمن) ومن معاني اليمين لغة : القوة والقسم ، والبركة ، واليد اليمنى ، والجهة اليمنى. ويقابلها : اليسار ، بمعنى : اليد اليسرى ، والجهة اليسرى.
أما في الشرع ، فقد عرفها صاحب غاية المنتهى من الحنابلة بأنها : توكيد حكم بذكر معظم على وجه مخصوص.
ومقتضى هذا التعريف تخصيص اليمين بالقسم ، لكن يستفاد من كلام الحنابلة في مواضع كثيرة من كتبهم تسمية التعليقات الستة أيمانا ، وهي تعليق الكفر والطلاق والظهار والحرام والعتق والتزام القربة ، وقرر ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوى. ينظر المصباح المنير (يمن) ، ابن عابدين (٣ / ـ