وقال قائلون : الاقتراف هو موافقة (١) الذنب والإثم والله أعلم.
قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(١١٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً) :
كان أولئك الكفرة دعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حكم يحكم بينهم في منازعة وقعت بينهم ؛ إما في الرسالة وإما في الكتاب ، فقال (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفغير الله أبتغي حكما» ثم بين فقال : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) كيف أبتغي حكما غير الله وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ، ما تعلمون أنه من عند الله نزل (٣) عجز الخلائق عن إتيان مثله.
ثم اختلف في قوله : (مُفَصَّلاً) [قيل مفصلا](٤) بالحجج والبراهين ما يعرف كل عاقل لم يكابر عقله أنه من عند الله نزل.
وقيل (٥) : مفصلا بالأمر ، والنهي ، والتحليل ، والتحريم ، فيقول [كيف](٦) أبتغي حكما غير ما أنزل الله ، وقد أنزل كتابا مفصلا مبينا ، [فيه ما يحل وما يحرم ، وما يؤتى وما يتقى ، فلا حاجة تقع إلى غير الله.
وقيل : مفصلا بالوعد والوعيد وما يكون له عاقبة ؛ لأن العمل الذي يكون للعاقبة يكون فيه وعد ووعيد](٧).
وقيل (٨) : مفصلا مفرقا ؛ أي : أنزله بالتفاريق لم ينزله مجموعا جملة ، ما يقع بمسامع
__________________
(١) في أ : موافق.
(٢) في ب : وقال.
(٣) في أ : منزل.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر تفسير البغوي مع الخازن (٢ / ٤٣٣) ، والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (٤ / ٢١٢).
(٦) سقط في أ.
(٧) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٨) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٢٥) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢١٢).