الشبع.
ويقول الحسن : لو ترك التناول منها حتى هلك لا شيء عليه ؛ يقول : لأنه إنما أحلت له رخصة (١) ورحمة ، وليس على من لم يعلم بالرخص إثم ، ولكن عندنا أنها أبيحت في حال الاضطرار ؛ فإذا ترك التناول منها حتى هلك صار ملقيا نفسه في التهلكة ، وقد حرم الله علينا أن نهلك أنفسنا أو نلقيها في التهلكة بقوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥] ، ولا فرق بين ترك التناول من الميتة ـ وقد أحل لنا التناول [منها ـ حتى مات وبين ترك التناول](٢) من غيرها من الأطعمة المحللة ، أو يأتي بأسباب إتلاف النفس ؛ فهما سواء.
ويقول ـ أيضا ـ : له أن يتناول عند الاضطرار من مال غيره بلا بدل ، وإذا نهى صاحبه عن ذلك يضمن بدل ذلك بالغا ما بلغ (٣) فهذا بعيد.
لا يجوز أن يتناول من مال غيره ولا يلزمه البدل ، وإذا نهاه عن ذلك يلزمه البدل ؛ لأن
__________________
ـ وجاء فيه عن الليث : الضرورة اسم لمصدر الاضطرار تقول حملتني الضرورة على كذا وكذا وقد اضطر فلان إلى كذا وكذا.
وأما الاضطرار عند الفقهاء فيقول الحموي عن الضرورة إنها «بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع يهلك».
ويقول بعض المالكية : إنها الخوف على النفس من الهلاك علما أو ظنا.
وقد علق بعضهم على ذلك فقال وهل الاضطرار هو خوف الهلاك أو خوف الضرر؟ قولان لمالك والشافعي.
ثم قال بعد هذا : وذهب مالك إلى أن الاضطرار خوف الهلاك.
ينظر لسان العرب (١٩ / ٤٨٣) ، حاشية الحموي على الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٠٨ ، الشرح الكبير للدردير (٢ / ١١٥) ، شرح الخرشي وحاشية العدوي عليه (٣ / ٣٢٦).
(٨) بدل ما بين المعقوفين في أ : لا.
(١) تطلق كلمة رخصة ـ في لسان العرب ـ على معان كثيرة نجمل أهمها فيما يلي :
* نعومة الملمس ، يقال : رخص البدن رخاصة إذا نعم ملمسه ولان ، فهو رخص ـ بفتح فسكون ـ ورخيص ، وهي رخصة ورخيصة.
* انخفاض الأسعار ، يقال : رخص الشيء رخصا ـ بضم فسكون ـ فهو رخيص ضد الغلاء.
* الإذن في الأمر بعد النهي عنه : يقال : رخص له في الأمر إذا أذن له فيه ، والاسم رخصة على وزن فعلة مثل غرفة ، وهي ضد التشديد ، أي أنها تعني التيسير في الأمور ، يقال : رخص الشرع في كذا ترخيصا ، وأرخص إرخاصا إذا يسره وسهله. قال عليه الصلاة والسلام : «إن الله يحب أن تؤتي رخصة كما يكره أن تؤتي معصيته».
وفي الاصطلاح عرفها الغزالي بأنها عبارة عما وسع للمكلف في فعله لعذر أعجزه عنه مع قيام السبب المحرم.
ينظر لسان العرب وتاج العروس (رخص) ، والمستصفى (١ / ٦٣).
(٢) سقط في أ.
(٣) وتفصيل المذاهب في هذه المسألة كالآتي :
مذهب الحنفية : يرى الحنفية أن المضطر يجب عليه ضمان ما تناوله من مال الغير ؛ لأن المضطر ـ