وقوله ـ عزوجل ـ : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ).
قيل (١) : كالمتكلف للصعود إلى السماء لا يقدر عليه.
وقيل : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) : كأنما يشق عليه الصعود.
وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : ما تصعد في شيء ما تصعده في الخطبة ، أي ما يشق علىّ شيء ما شق علىّ الخطبة.
وقوله : (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).
اختلف في الرجس قيل (٢) : الرجس : الإثم ، أي : كما جعل قلوبهم ضيقة حرجة بكفرهم كذلك يجعل في قلوبهم الإثم.
وقيل (٣) : الرجس : اللعن والغضب ، أي : جعل في قلوبهم اللعن والغضب ؛ دليله قوله : (قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) [الأعراف : ٧١].
قوله تعالى : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٢٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً).
لم يشر بهذا إلى شيء لكن يحتمل قوله : (وَهذا) : الإسلام الذي سبق ذكره : أن يشرح به صدر المؤمن ، ويحتمل قوله : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) : الذي يدعى إليه الخلق ، وهو التوحيد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) ، أي : بينا وأقمنا دلائل التوحيد وحججه ، وقد ذكرناه.
(لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ).
أي : لقوم يتعظون بالمواعظ.
ويحتمل : لقوم يقبلون (٤) الدلائل والحجج ، ولا يكابرون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
يحتمل السلام اسم الجنة [أي :] [لهم الجنة](٥) ؛ كقوله : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ)
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٤٠) (١٣٨٧٦ ، ١٣٨٧٧) عن عطاء الخرساني ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٨٤) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٢٩) وابن عادل في اللباب (٨ / ٤٢٥) ونسبه كلاهما للكلبي.
(٣) ذكره البغوي في تفسيره بنحوه (٢ / ١٣٠).
والرازي في تفسيره (١٣ / ١٥٠) ، وابن عادل في اللباب (٨ / ٤٢٥) عن الزجاج.
(٤) في ب : يتقبلون.
(٥) سقط في أ.