وكان أبو يوسف يستحب أن يقول بهذه (١) الكلمات والكلمات التي رواها علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ من غير إيجاب لذلك ولا حظر لما سواه.
وكان أبو حنيفة (٢) ـ رحمهالله ـ لا يستحب أن يزيد في الفرائض على ما روي عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما روي عن عمر وعبد الله (٣) ـ رضي الله عنهما ـ.
وأما في النوافل فله أن يزيد ما شاء فيها من الثناء والدعوات ؛ فيحتمل أن يكون ما رواه علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ من فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ذلك في النوافل.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٦٥)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ).
اختلف فيه :
قال بعضهم : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ، يعني أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعلهم خلائف من تقدمهم من المكذبين والصديقين ؛ ليعلموا ما حل بالمكذبين برسول الله صلىاللهعليهوسلم ليحذروا تكذيبه والخلاف له ، ويرغبوا في تصديقه والموافقة له والطاعة ؛ ليكون لهم بمن تقدمهم عبرة في التحذير والترغيب ، ويكون لهم بمن تقدمهم قدوة وعبرة ؛ ليعرفوا صحبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن كيف يجب أن يصحبوه ويعاملوه : من الإحسان إليه ، والتعظيم له والتصديق ، ويجتنبوا الإساءة إليه والتكذيب.
وقال بعضهم (٤) : قوله : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ، يعني : البشر كلهم ، جعل بعضهم خلائف بعض في الوجود وفي الأحوال في الحياة ، والموت ، والغناء (٥) ، والفقر ،
__________________
(١) في ب : هذه.
(٢) ينظر أحكام القرآن (٣ / ٤٢) ، المبسوط (١ / ١٢).
(٣) ذكره الزيلعي في نصب الراية (١ / ٣١٩) وعزاه للطبراني في معجمه عن عبد الله بن عمر ، وقال : الحديث معلول بعبد الله بن عامر ونقل شيخنا الذهبي في (ميزانه) تضعيفه عن جماعة كثيرة.
وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء : كان يقلب الأسانيد والمتون ويرفع المراسيل والموقوفات ثم أسند عن ابن معين أنه قال : ليس بشيء ا. ه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢ / ١٠٧) أخرجه الطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٢٢) (١٤٣١٣) عن السدي بنحوه وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٢٤) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٥) كلمة الغناء المقصود به الغنى والغنى اسم مقصور ، والعرب يجعلون أحيانا الاسم المقصور ممدودا ومنه قول الشاعر : ـ