والقرار ، وأعمال الكفرة بالذهاب والبطلان ؛ فعلى ذلك قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) وصف بالعظم والقرار [والثبات](١) ، وقوله : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) وصف بالبطلان والتلاشي ألا يكون لهم من الخيرات : [شىء ينتفعون به](٢) في الآخرة ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)(١٠)
وقوله عزوجل : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) قال أبو بكر الكيساني : «مكناكم» ، أي : ملكناكم فى الأرض (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) تتعيشون بها ، يذكرهم نعمه ومنته [عليهم](٣) [بما ملكهم فى الأرض](٤) ، وجعل لهم منافع ليشكروا (٥) عليها.
وقال الحسن : «مكناكم» ، أي : جعلناكم مستخلفين [في الأرض](٦) : يذكرهم ـ عزوجل ـ أيضا ـ نعمه عليهم بما جعلهم خلفاء الأولين ، وجعل لهم معايش ويخوفهم زوال ذلك عنهم بما صار ذلك لهم بزوالها عن الأولين ، وأمكن أن يذكرهم هذا بما جعل لهم مكان القرار ، وموضع الانتشار والتقلب والتعيش ، والبشر لا بد له من ذلك ، وكله يرجع إلى واحد كقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) [العنكبوت : ٦٧] أي : جعلنا الحرم آمنا لكم بحيث تأمنون فيه وتتقلبون وتتعيشون فيه ، ويتخطف الناس من حولهم ، [فهو] يذكر لهم [عظيم](٧) نعمه ومننه التي جعلها لهم هذا إذا كان الخطاب به لأهل مكة ، وإن كان الخطاب به للناس كافة ، فيخرج على تذكير النعم لهم حيث جعل الأرض لهم بحيث يقرون فيها ويتقلبون فيها.
وقوله عزوجل (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) يحتمل وجوها ، وكذلك قوله : (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) :
أحدها : أنهم كانوا يقرون أنه خالقهم بقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] ، كانوا يقرون بألوهيته ويصرفون العبادة إلى غيره ؛ فلذلك قال :
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : لا في الدنيا ولا.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) زاد في أ : الله.
(٦) في أ : عمن تقدمهم بمكانهم.
(٧) سقط في ب.