حيث تناول منها ، في صدر الكتاب على قدر ما حفظنا (١).
قوله تعالى : (فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ)(٢٥)
قوله ـ عزوجل ـ : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ).
قال أبو عوسجة : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) ، أي : أوردهما (٢) ، يقال : دلاني فلان بحبل غرور (٣) ، أي : أنه زين [لك](٤) القبيح حتى يرتكبه ، وأصل التدلية من الدلو ، وهو من الدعاء ، أي : دعاهما بغرور ، ودعاؤه (٥) إياهما بغرور ، هو (٦) قوله : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ
__________________
(١) قال المصنف في أول التفسير : جائز أن يكون آدم ـ عليهالسلام ـ طمع أن يكونا ملكين ؛ بأن يجعل على ما عليه صنيعهم من العصمة أو الاكتفاء بذكر الله وطاعته عن جميع الشهوات.
والله قادر على أن يجعل البشر على ذلك. وذلك على ما يوجد فيهم من معصوم ومخذول ، ليعلم أن الخلقة لا توجب شيئا مما ذكر. ولا قوة إلا بالله.
ثم الأصل أن معرفة موت البشر وما عنه خلق كل شيء إنما هو سمعي ليس هو حسي ، ولا في الجوهر دليل الفناء ولله أن يميت من شاء ويبقي من شاء.
(٢) في ب : ردهما.
(٣) الغرور : مصدر حذف فاعله ومفعوله ، والتقدير : بغروره إياهما. وقوله : «فدلاهما» يحتمل أن يكون من التدلية ، من معنى : دلّى دلوه في البئر ، والمعنى : أطمعهما.
قال أبو منصور الأزهري : لهذه الكلمة أصلان :
أحدهما : أن يكون أصلها أن الرجل العطشان يدلي رجله في البئر ليأخذ الماء ، فلا يجد فيها ماء ، فوضعت التدلية موضع الطمع فيما لا فائدة فيه ، يقال : دلاه : إذا أطمعه.
قال أبو جندب :
أحص فلا أجير ومن أجره |
|
فليس كمن تدلى بالغرور |
أو أن تكون من الدال ، والدالة ، وهي الجرأة ، أي : فجرّأهما ، قال :
أظن الحلم دل علي قومي |
|
وقد يستجهل الرجل الحليم |
وعلى الثاني يكون الأصل : دللهما ، فاستثقل توالي ثلاثة أمثال ، فأبدل الثالث حرف لين كقولهم : تظنّيت ، في : تظننت ، وقصّيت أظفاري ، في : قصّصت. وقال :
تقضي البازي إذا البازي كسر
ينظر : اللباب (٩ / ٦٠ ، ٦١) ، وتفسير الرازي (١٤ / ٤١) ، والدر المصون (٣ / ٢٥٠).
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : دعاء.
(٦) في أ : وهو.