وقال الحسن : من حكم الله أن من عصى يكون عدوّا له ، ومن أطاع يكون وليّا له ، ومن أطاع الشيطان فهو وليه ، ومن عصاه يكون عدوّا له ؛ فكذا (١) حكم الله ـ تعالى ـ في كل من أطاعه يكون وليّا له ، ومن عصاه يكون عدوّا له.
وقال غيرهم من المعتزلة قوله : (جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ، أي : وجدناهم كذلك أولياء لهم.
ولكن لو جاز إضافة ذلك إلى الله ـ تعالى ـ كما ذكر هؤلاء ـ لجاز إضافة ذلك إلى الأنبياء ؛ لأنه قد كان منهم التخلية في ذلك ، والتسمية لهم بذلك ، والحكم على ما قال الحسن (٢) ، فإذا لم يجز إضافة ذلك إليهم ؛ دل أنه قد كان من الله في ذلك صنع لم يكن ذلك من الأنبياء ، وهو أن خلق منهم فعل الولاية لهم ؛ لما علم منهم أنهم يختارون ولايتهم ويتولونهم ؛ كقوله : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) [النحل : ١٠٠] ، وبالله العصمة والنجاة.
قوله تعالى : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)(٣٠)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً).
قال ابن عباس (٣) ـ رضي الله عنه ـ : كل معصية فاحشة ، والفاحشة : كل ما عظم فيه النهي ، فإذا ارتكبوا ذلك فهو فاحشة.
وقال مجاهد (٤) : فاحشتهم أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة.
وقال غيره (٥) من أهل التأويل : الفاحشة هو ما حرموا من الحرث والأنعام والبنات ، وغيره من نحو السائبة والحامي وغيره ، لكن الفاحشة ما ذكرنا : أن كل ما عظم النهي فيه والزجر فهو فاحشة ، والفاحشة هو ما عظم من (٦) الأمر ، يعرف ذلك بوجهين :
__________________
(١) في ب : هذا.
(٢) في أ : الوجود فليحرر.
(٣) ذكره بمعناه البغوي في تفسيره (٢ / ١٥٥) ، وأبو حيان في تفسيره (٤ / ٢٨٦).
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٦٣) (١٤٤٦٧) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٤٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٥) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢٨٦).
(٦) في ب : فيه.