وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً).
أي : وحرم ـ أيضا ـ أن تشركوا بالله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) : ليس على أنه ينزل سلطانا على الإشراك بحال ؛ ولكن على أنهم يشركون بالله من غير حجج وسلطان ؛ لأن أهل الإسلام هم الذين يدينون بدين ظهر بالحجج والآيات ، وهم يدينون بدين لا يظهر بالحجج والآيات ، ولكن بما هوت أنفسهم واشتهت.
ويحتمل قوله : (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) ، أي : عذرا ؛ لأنه يجوز أن يعذر المرء بحال في إجراء كلمة الكفر على لسانه عند الإكراه ، ولا يصير به كافرا إذا كان قلبه مطمئنا بالإسلام ومنشرحا به ؛ كقوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦] أي : يشركون (١) بالله من غير أن ينزل بهم حال عذر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
أي : يعلمون أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون أنه حرم كذا ، وأمر بكذا.
وقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [يحتمل وجهين :
أحدهما : أنكم تقولون على الله ما لا تعلمون](٢) هذا على الجهل ، والأول على العلم ؛ كقوله : (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ) [يونس : ١٨] ، أي : تنبئون الله بما يعلم أنه ليس ما تقولون.
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣٦)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).
اختلف فيه :
قال بعضهم : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) : [هو بعث الرسول إليها أي لا يهلكون إلا بعد] بعث الرسل إليهم ، فإذا أتاهم الرسول ، فكذبوه وعاندوا ، فعند ذلك يهلكون ، وهو كقوله : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء : ١٥] ، وقوله : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) [القصص : ٥٩].
ويحتمل أن لكل أمة أجلا لا تهلك قبل بلوغ أجلها لا تستأخر ولا تستقدم (٣). فهذا يرد
__________________
(١) في أ : تشركون.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : لا يستأخر ولا يستقدم.