(أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ).
لأنهم يصحبون النار والسبب الذي يوجب لهم النار أبدا ؛ فسموا أصحاب النار بذلك ؛ كما يقال : صاحب الدار وصاحب الدابة ؛ لأنه هو يصحبها دائما ؛ فعلى ذلك هؤلاء سموا أصحاب النار ؛ لما هم يصحبونها دائما أبدا ، والله أعلم.
قوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧) قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)(٤١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ).
قد ذكرنا فيما تقدم أن قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ) : إنما هو حرف استفهام وسؤال لم يخرج له جواب ، لكن أهل التأويل عرفوا ذلك ، فقالوا : لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ، أجابوا على ما عرفوا من السؤال ؛ وإلا ليس قولهم : لا أحد أظلم ، نفس قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ) ، أي : لا أحد أفحش ظلما ولا أقبح ظلما ممن افترى على الله كذبا ، مع علمه أنه خالقه ، وأنه متقلب في نعمه ، وأحاطت به أياديه وإحسانه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ أَظْلَمُ) : أي لا [أحد](١) أفحش ظلما ولا أقبح ظلما ممن افترى على الله كذبا.
وقوله : (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، قيل : الافتراء هو اختراع الكذب من نفسه من غير أن سبق له أحد في ذلك ؛ كقوله : (يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) [الممتحنة : ١٢] وأما [الكذب](٢) فقد يكون مما أنشأ هو أو مما قد سبق له أحد فسمع منه ثم افتراه (٣) على الله فهو أنواع :
يكون بما قالوا : [إن له ولدا ، وقالوا : إن له شريكا وصاحبة ، وبما عبدوا غير الله
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : افتراؤهم.