عندكم آيات وحدانيته ، وحجج ربوبيته لما عرفتم أنه خالقكم وخالق السموات والأرض ، به تعيشون وبه تحيون ، وبه تموتون ، مع ما ظهر لكم هذا أشركتم مع الله آلهة أخرى ، وليس ذلك لكم مما تشركون في عبادته وألوهيته ، وأنا لا أشهد ، وإنما أشهد أنه إله واحد وإنني بريء مما تشركون [في ألوهيته وربوبيته](١).
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)(٢١)
قوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ).
قيل (٢) : نزلت سورة الأنعام في محاجة أهل الشرك ، إلا آيات نزلت في محاجة أهل الكتاب ، إحداها هذه.
وجائز أن يكون أهل الشرك يعرفون أنه رسول كما يعرفون أبناءهم ، ويكون الكتاب هو القرآن ـ هاهنا ـ لما قرع أسماعهم هذا القرآن ، وأمروا أن يأتوا بمثله ، فعجزوا عنه ، وبما
__________________
ـ وأما هل فتنفرد بما يلي :
ـ الوقوع موقع النفي نحو : هل يهلك إلا القوم الظالمون ، أي : لا يهلك إلا القوم الظالمون.
ـ الوقوع موقع (قد) نحو قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) ، أي : قد أتى.
ويشترك الحرفان في الوقوع موقع الأمر نحو : (أَأَسْلَمْتُمْ)[آل عمران : ٢٠] ، أي : أسلموا ـ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[المائدة : ٩١] أي : انتهوا.
وأما أسماء الاستفهام فهي : «من» ويستفهم بها عمن يعقل نحو : من عندك زيد أم عمرو. و «ما» ويستفهم بها عما لا يعقل نحو : ما مركوبك أفرس أم بعير وعن صفات من يعقل نحو : ما زيد أطويل أم قصير. و «أي» ويستفهم بها عن بعض نحو : أي الرجلين كلمك زيد أم عمرو. و «أين» ويستفهم بها عن مكان نحو : أين كنت أفي الدار أم في المسجد. و «أيان» ويستفهم بها عن زمان مستقبل نحو : أيان سفرك أغد أم بعد غد؟ و «متى» ويستفهم بها عن زمان ماض وعن زمان مستقبل نحو : متى قدمت أمس ومتى تسافر غدا. و «كم» ويستفهم بها عن عدد نحو : كم كتابا اشتريت. و «كيف» و «أنى» ويستفهم بهما عن الحال نحو : كيف جئت ـ وأنى ظفرت بالعدو ، وقد يستفهم بأنى عن المكان والزمان نحو : أنى كنت وأنى سرت.
ويطلب بهذه الأدوات التصور ولذلك فإنها تقتضي إجابة بتعيين المسئول عنه مكانا كان أو زمانا أو عددا أو حالا.
وإذا كان الاستفهام في حقيقته طلبا للعلم بالشيء فإنه قد يخرج عن هذا المعنى لأغراض بلاغية مختلفة ذكرها علماء البلاغة في مظانها من علم المعاني.
ينظر معجم المصطلحات النحوية (١٧٩ ـ ١٨١)
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٦٤) (١٣١٣٤) عن قتادة بنحوه والسيوطي في الدر (٣ / ١٣) وزاد نسبته لأبي الشيخ عن السدي والرازي في تفسيره (٢ / ١٤٨ ـ ١٤٩) والبغوي في تفسيره (٢ / ٨٩).