كانوا يختلفون إلى أهل الكتاب ، ويسألونهم عن نعته وصفته ، ويخبرونهم ، فعرف (١) أهل الشرك أنه رسول ، كما عرف أهل الكتاب بوجود نعته وصفته في كتابهم.
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال لعبد الله بن سلام (٢) : إن الله قد أنزل على نبيّه ـ عليهالسلام ـ بمكة : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) ، فكيف يا عبد الله المعرفة؟ فقال عبد الله : يا عمر ، لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب ، وأنا أشد معرفة بمحمد مني لابني ، فقال : كيف ذلك؟ فقال : أنا أشهد أنه رسول الله حق من الله ، ولا أدري ما صنع النساء ، أو ما أحدث النساء ، [وقد نعت في](٣) كتابنا. فقال [له](٤) عمر : صدقت وأصبت (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً).
قال أهل التأويل (٦) : لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ، لكن هذا ـ في الحقيقة ـ كأنه سؤال واستفهام ؛ كأنه قال : من أظلم من الظالمين ، قال : من افترى على الله كذبا ، يقال : من فعل هذا؟ قال : فلان ، أو من قال هذا؟ قال : فلان ، فهو ـ والله أعلم ـ على السؤال والاستفهام. ثم قيل الذين افتروا على الله كذبا : إن معه شريكا كقولهم : إن مع الله آلهة أخرى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ).
قيل : محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقيل (٧) : القرآن (٨).
__________________
(١) في ب : يعرف.
(٢) هو : عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري يكنى (أبا يوسف) وهو من ولد يوسف ابن يعقوب صلى الله عليهما. كان حليفا للأنصار وكان اسمه في الجاهلية الحصين ، فلما أسلم سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله روى عدة أحاديث حدث عنه أنس بن مالك وزرارة بن أوفى وأبو سعيد المقبري وآخرون. وقال يزيد بن عميرة : لما احتضر معاذ قيل له : أوصنا فقال : إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما فالتمسوا العلم عند أبي الدرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام الذي أسلم ؛ فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنه عاشر عشرة في الجنة» وتوفي في المدينة في خلافة معاوية سنة ٤٣ ه.
ينظر : الاستيعاب (٢ / ٣٩٥) ت (١٦٣٩) ، صفة الصفوة (٢ / ٢٩٦) تذكرة الحفاظ (١ / ٢٢) ، أسد الغابة (٣ / ١٧٦) ، تاريخ الإسلام (٢ / ٢٣٠).
(٣) في ب : نعته له.
(٤) سقط في أ.
(٥) ذكره الرازي في تفسيره (١٢ / ١٤٨) وابن عادل في اللباب (٨ / ٦٨).
(٦) ذكره القرطبي في تفسيره (٦ / ٢٥٨) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٩٧).
(٧) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٩٠) ، والقرطبي في تفسيره (٦ / ٢٥٨).
(٨) زاد في ب : أنه ليس من الله.