في العذاب والهوان كما تركوا هم أمر الله ونهيه في الدنيا.
وقال الحسن (١) : إن الله لا ينسى شيئا ولا يسهو ، ولكن الكفرة يكونون على الكرامة والرحمة والمنزلة كالشيء المنسي ، وعن العذاب والهوان لا ، أو كلام نحو هذا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) قال بعضهم : «ما» هاهنا صلة ؛ كأنه قال : وكانوا بآياتنا.
وقال بعضهم : هو على ما ذكر ، أي : اليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ، [وكما كانوا](٢) بآياتنا يجحدون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ) [يحتمل بكتاب](٣).
[أي](٤) : بيّناه ؛ والتفصيل : التبيين.
ويحتمل قوله : (فَصَّلْناهُ) أي : فرقناه في إنزاله ، لم ننزله جملة واحدة ؛ كقوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) [الإسراء : ١٠٦] أي : فرقناه في الإنزال على قدر النوازل بهم ؛ ليعلموا حكم كل آية نزلت بالنوازل التي وقعت بهم ، لا تقع لهم الحاجة إلى معرفة ما في كل آية نزلت عليهم على حدة ، بل يعرفون ذلك بالنوازل.
أو أنزله مفرقا.
أو أن يكون معرفة ما فيه من الأحكام إذا كان منزلا بالتفاريق أهون وأيسر على الطباع من معرفة ما فيه إذا نزل جملة.
ثم قوله : (فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ) يحتمل وجوها :
يحتمل : فصلناه ، أي : بيناه بالحجج والبراهين على علم منه أن الخلائق لا تقوم بإتيان مثله ؛ ليعلم أنه من عنده نزل.
أو أنزله مفصلا على علم منه بمن يصدقه ويتبعه ، وبمن يكذبه ولا يتبعه.
أو على علم منه بمصالح الخلق إن أنزله صلح الخلق (٥) ، أي : على علم منه بمعاملة القوم إياه أنزله ؛ لأن المنفعة في إنزاله للمنزل عليهم ، لا للمرسل والمنزّل (٦) ، فضرر الرد والمنفعة لهم.
__________________
(١) ذكر الخازن في تفسيره (٢ / ٥١٥) كلاما نحو هذا ولم ينسبه لأحد.
(٢) في ب : وكانوا.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : إن إنزاله أصلح للحق.
(٦) في أ : المرسل.