أهل التوحيد ، قال (١) بعضهم لبعض : إذا سئلنا فقولوا : إنا كنا موحدين ، فلما جمعهم الله وشركاءهم فقال : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) في الدنيا بأنهم معي شريك.
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ).
قال أهل التأويل (٢) : معذرتهم وجوابهم إلا (٣) الكذب حين سئلوا فقالوا : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) تبرءوا من ذلك.
ثم قال الله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) : في الآخرة ، (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) :
من الشرك في الدنيا.
قيل (٤) : لما أنكروا أن يكونوا مشركين في الدنيا ختم الله على ألسنتهم ، وشهدت الجوارح عليهم بالشرك.
وقيل : انظر كيف كذبوا على أنفسهم ، يقول : كيف صار وبال كذبهم عليهم؟!.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ) قيل (٥) : واشتغل عنهم.
(ما كانُوا يَفْتَرُونَ) يقول : يكذبون.
وأصله : أنه يذكر نبيه شدة تعنتهم وسفههم أنهم كيف يكذبون عند معاينة العذاب ، فإذا كانوا بنأي منه وبعد كانوا أشدّ تكذيبا وأكثر تعنتا ؛ لأنهم يطلبون الرد إلى الدنيا بقولهم (فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) ، فقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [الأنعام : ٢٨].
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)(٢٦)
__________________
(١) في ب : فقال.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٦٦) (١٣١٤١) ، (١٣١٤٢) عن قتادة ، وفي (١٣١٣٧) عن معمر قال قال قتادة : مقالتهم ، وقال معمر وسمعت غير قتادة يقول : معذرتهم.
وفي (١٣١٣٨) ، (١٣١٣٩) عن ابن عباس قال : قولهم ، كلامهم.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٤) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) زاد في أ : أن.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٦٨) (١٣١٤٣) (١٣١٥٢) عن ابن عباس وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٤) وزاد نسبته لابن المنذر.
(٥) ينظر تفسير الخازن (٢ / ٣٦٦).