الحدث ، وأمارة (١) الكون ، بعد أن لم يكن ، ولا قوة إلا بالله.
ثم الأصل أنه لو كان فهو بإضافة الله إلى العلو عليه تعظيما له ، وعلى ذلك في كل [شيء](٢) يضاف إلى الله أو الله إليه من جهة الخضوع (٣) فهو على تعظيم ذلك ، لا على أن يفهم منه ما يفهم مثله من الخلائق ؛ نحو القول بأن المساجد لله (٤) ، وناقة الله (٥) وزينة الله (٦) ، وحدود الله (٧) ، ونحو ذلك.
فما بال المشبهة فهمت من إضافة الاستواء على العرش المعنى المكروه على احتمال الاستواء معاني سوى الذي ذكر ، أو أن (٨) يقال : استوى : ثم واستوى : قصد ، واستوى : علا ، واستوى : استقر ، واستوى : استولى ؛ فإذا [كان](٩) معناه يتوجّه إلى هذه الوجوه ، لم يحتمل أن يكون أحد يقدر من ذلك ؛ إذ هو ما يتوجه إليه ، ويعتمد عليه لو لا الجهل به.
ثم الأصل أن الإضافات إلى الأشياء يفترق المقصود بها ، وإن كان في ظاهر المخرج واحدا باختلاف من إليه القصد بالإضافة ، والإضافة جميعا. يقال : جاء الحق ، وجاء فلان ، وبيت فلان ، وبيت الله.
وقيل في الملائكة : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) [المدثر : ٣١] ، وقال في الفسقة : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) [البقرة : ٣٩] ، ونحو ذلك لا على الجمع في المعنى ، فالاستواء الذي يتوجّه إلى وجوه أحق بذلك ، والله الموفق.
ثم قد قيل في قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) بوجوه.
أحدها : ما قال أبو بكر الأصم : هو [على](١٠) التقديم والتأخير ، كأنه قال : إن ربكم الله الذي استوى على العرش ثم خلق ما ذكر ؛ فيكون معناه : خلق كذا ، وقد استوى على
__________________
(١) في أ : ومادة.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : الخصوص.
(٤) كما في قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) [الجن : ١٨].
(٥) كما في قوله تعالى (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ)[هود : ٦٤].
(٦) كما في قوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٣٢]
(٧) كما في قوله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء : ١٣].
(٨) في أ : وإذ.
(٩) سقط في ب.
(١٠) سقط في أ.