[والوجه الثاني : المذكور في الآية من اسم الرب وخلق ما ذكر وتسخير الذي وصفه ثم لم يتوهم في شيء من ذلك المعنى الذي يضاف إلى الخلق أنه رب كذا أو سخر كذا أو صنع كذا ملحد ولا موحد فكيف احتمل قلبي المشبهي في قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥] لو لا جهله به وتقديره بالذي عليه أمر نفسه ، والله الموفق](١).
والثالث : أن الناس في خلق الله الخلق مختلفون (٢).
فمنهم من جعله الخلق نفسه ، دون أن يكون الله بذاته يلحقه وصف سوى إضافة الخلق إليه في أن كان به ، فعلى ذلك قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) إنما هو ما ذكر من غير أن كان سبحانه يلحقه وصف لم يكن له.
ومنهم من يراه (٣) خالقا بذاته ؛ ليكون جميع الخلائق إلى الأبد بتكوينه الذي يعبر عنه بقوله : كن من غير أن كان ثمّ كاف أو نون على كون كل شيء عليه به من غير تغيير (٤) عليه ، ولا زوال عما كان عليه إذ (٥) لا شيء غيره ، فكل معنى لو حقق أوجب تغيرا أو زوالا أو قرارا أو نحو ذلك ، فالله يجل عنه ويتعالى ؛ إذ ذلك علم الحدث ، وأمارة الغيرية ، ولا قوة إلا بالله.
والرابع : هو الذي يرى فعله على ما عليه فعل الخلق من التحرك والزوال والسكون والقرار ، إضافة من ذلك وصفه إلى مكان دون مكان ، وحال دون حال ، محال فاسد ؛ لذلك بطل القول بالمكان في جميع الأقاويل ، وأيّد الذي (٦) ذكرت ما ختم به الآية من قوله : (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) وصف ذاته بالربوبية [و](٧) بالتعالي عن جميع معاني المربوبين ؛ إذ من حيث التشاكل يوجب خروجه من أن يكون ربّا ، والآخر [من أن يكون](٨) مربوبا ، فإذا ثبت أن كل شيء من كل جهة مربوب (٩) ثبتت سبحانيته من ذلك
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : مختلفين وهو جائز على أن يكون حالا وجملة الخبر محذوفة تقديرها تلقاهم وذلك مثل قول الشاعر :
إذا جن عليك الليل فلتأت ولتكن |
|
خطاك خفافا إن حراسنا أسدا |
أي : تلقاهم أسدا ، والله أعلم.
ينظر شرح الأشموني (١ / ١٣٥).
(٣) في أ : لميره.
(٤) في ب : تغير.
(٥) في أ : أن.
(٦) في أ : وأبدأ لذي.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : مربوبا.