قدر خمسمائة سنة ، والفكر الذي يبلغ به من غير أن يزول عن مكانه ، منتهى مرجع الخلق من الجنة والنار ، ويبصر به المعاد والمعاش ، والعقل الذي يعرف حقائق من غاب عنه وحضر ، مما (١) له صورة وطينة أو إحداهما وما ليس له واحد من الأمرين على قصور الحواس عن إدراك صورة شيء لا طينة له ؛ ليعلم أن الذي قدر على تقدير مثله في جوهر واحد وعلم كيف يصنع (٢) فيه ؛ ليعلم ذلك العلم ، قادر على كل شيء ، حكيم ، عليم. وهذا معنى ما قيل إن الإنسان هو العالم الصغير ، بمعنى أنه يوجد فيه لكل أمر من الأمور للعالم (٣) الكبير فيه مثالا ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (بِأَمْرِهِ).
قال أبو بكر : يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه أمره كما يقال : أتاه أمر الله ، أي : الموت ، والعذاب ، ونحو ذلك على إرادة ذلك [الذي نزل به](٤).
والثاني : أن يطلعن ويغربن بأمر توحيد الله والإيمان به بما هو فيهن من عجيب الحكمة ، ورفع التقدير.
وقال الحسن : بأمره الذي به كون الأشياء من «كن».
فالقول الأول هو قول من لا يرى خلق الخلق غير الخلق.
والثاني قول من يرى «كن» عبارة عن التكوين الذي يكون [به الخلق](٥) [أبد الآبدين](٦) من غير أن كان ثم في الحقيقة كاف أو نون.
لكنه جاء ما يفهم به المراد من الكلام يراد في ذلك نفي الصعوبة عنه ، وتيسير الأمر عليه ، [وذلك](٧) يكون في الحقيقة غير الخلق إذ أخبر في الخلق أنه كان به ، وكل شيء يكون بشيء في المتعارف من القول يكون غيره.
وكذلك قوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فيه وجهان :
أحدهما : الإخبار عن تكوين الخلق الذي هو له.
__________________
(١) في أ : وخص ما.
(٢) في ب : يضع.
(٣) في أ : العالم.
(٤) في أ : ترك به.
(٥) في أ : بالخلق.
(٦) في أ : بدين.
(٧) سقط في أ.