والثاني : عن الأمر في خلقه بما شاء ولا يردّ شيء من أمره عن الوجه الذي أمر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) يذهب بضوء النهار ظلمة الليل ، وضوء النهار بظلمة الليل ، إذا جاء هذا ذهب سلطان الآخر.
(يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) قيل : سريعا ، وهو أن الله ـ عزوجل ـ يظهر النور في ابتداء النهار في طرف من أطراف السماء ، والظلمة في أول الليل ، ثم ينشر ذلك في جميع أطراف السماء والأرض وما بينهما من جميع الآفاق (١) والجوانب في قدر لحظة بصر وطرفة عين ، ما لو أريد تقدير ذلك بجميع ما في الخلق من المقادير ما قدروا عليه ؛ ليعلم أن الله على ما يشاء قدير ، وأنه لو أراد أن يخلق جميع ما ذكر أنه خلق في ستة أيام لقادر أن يخلقه في طرفة عين ، لكنه خلقه في ستة أيام لحكمة في ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) لا يكون مما ذكر طلب حقيقة ، لكن ذكر الطلب ؛ لأن ما كان من كل واحد منهما للآخر لو كان ممن (٢) يكون له الطلب كان طلبا وهربا من غلبة كل واحد منهما صاحبه ، وهو ما ذكرنا في قوله تعالى : (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) [الأنعام : ١٣٠] أنها أنشئت على هيئة وجهة لو كان ذلك ممن يكون منه (٣) التغرير كان غرورا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) أي : بتكوينه ، أي أنشأها ، وكوّنها مسخرات لهم.
[و](٤) قال بعضهم بأمره ينفعن البشر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).
قال بعضهم : الأمر هاهنا هو التكوين.
وقيل : ألا له الخلق والتدبير في الخلق.
وقيل : له الأمر في الخلق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) : تعالى الله عما فهمت المشبهة من (٥) قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ).
__________________
(١) في أ : الأوقات.
(٢) في ب : على.
(٣) في ب : فيه.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : ثم.