وقوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ).
قال بعضهم (١) : ادعوا ، أي : اعبدوا ربكم ؛ كقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) [غافر : ٦٠] ذكر في الابتداء الدعاء وفي آخره العبادة ، فكان الأمر بالدعاء أمرا بالعبادة.
وقال بعضهم (٢) : الدعاء هاهنا هو الدعاء ، وقد جاء «أن الدعاء مخ العبادة» (٣) ؛ لأن العبادة قد تكون بالتقليد ، والدعاء لا يحتمل التقليد ، ولكن إنما يكون عند الحاجة لما رأى في نفسه من الحاجة والعجز عن القيام بذلك ؛ فعند ذلك يفزع إلى ربه ، فهو مخ العبادة من هذا الوجه.
وقال بعض أهل التأويل في قوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ) أي : وحّدوا ربكم تضرعا وخفية.
قيل : (تَضَرُّعاً) خضوعا ، (وَخُفْيَةً) إخلاصا.
وقيل (٤) : (تَضَرُّعاً) : ظاهرا. (وَخُفْيَةً) : سرا.
وأصله : أن اعبدوا ربكم في كل وقت وكل ساعة ، أو ادعوا خاضعين مخلصين.
وقوله ـ عزوجل ـ : إنه لا يحب المعتدين : قيل : المجاوزين الحد بالإشراك بالله.
وقيل (٥) : لا يحب الاعتداء في الدعاء ؛ نحو أن يقول : اللهم اجعلني نبيا أو ملكا أو أنزلني في الجنة منزل كذا ، وموضع كذا.
وروي عن عبد الله بن مغفل (٦) سمع ابنه (٧) يقول : «اللهم إني أسألك الفردوس ؛
__________________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٣١٢) ونسبه للزجاج وكذا الرازي في تفسيره (١٤ / ١٠٩).
(٢) انظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٢٠).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٣٧١) ، والطبراني في الأوسط (٣٢٢٠) من حديث أنس بن مالك وانظر ضعيف الترمذي للعلامة الألباني (٦٦٩).
(٤) أخرجه بمعناه ابن جرير (٥ / ٥١٥) (١٤٧٨٧) عن ابن عباس وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٧١) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ عن ابن عباس ولأبي الشيخ عن قتادة.
(٥) أخرجه ابن جرير (٥ / ٥١٥) عن أبي مجلز بنحوه وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٧١) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وذكره أبو حيان في البحر (٤ / ٣١٣) ، والبغوي في التفسير (٢ / ١٦٦).
(٦) عبد الله بن مغفل بن عبد نهم بن عفيف بن أسحم بن ربيعة بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عداء بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المزني ، أبو سعيد ، وقيل : أبو عبد الرحمن ، وقيل : سكن المدينة ، ثم تحول إلى البصرة ، وابتنى بها دارا ، قرب المسجد الجامع ، وهو من أصحاب الشجرة.
روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن عبد الله بن سلام ، وأبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة ، ـ