بالطبع ؛ لأن ما حسن في الطبع فإنما معرفته حسن ، وما حسن في العقل فإنما يعرف حسنه بالدلائل وهو غائب ، فضرب مثل الذي معرفة حسنه بالعقل [وهو غائب بالذي معرفة حسنه حس ومشاهدة فالإيمان حسن وغائب ضرب مثله بالذي طريق معرفة حسنه بالحس](١) والمشاهدة ، وهو ما ذكر من النبات الذي يخرج من الأرض ، وذلك يدلّ على طيب أصلها وجوهرها ، والتي لا تخرج شيئا [هو](٢) لخبث جوهرها وأصلها ، فعلى ذلك المؤمن والكافر ، ثم حسن عمل هذا وطيبه وقبح عمل الآخر وخبثه إنما يظهر في الآخرة وذلك يوجب البعث (٣) لأنهما جميعا استويا في هذه الدنيا ، فدل أن هنالك دارا أخرى فيها يظهر الطيب من الخبيث طاب عمل المؤمن ، وجميع ما يكون منه حسنا لطيب أصله ، وخبث عمل الكافر وقبح ما يكون منه لخبث أصله ، كالأرض التي ذكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِإِذْنِ رَبِّهِ) يحتمل بعلمه وتكوينه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا نَكِداً).
قال الحسن (٤) : خبيثا ، أي : لا يخرج إلا خبيثا.
وقال أبو بكر : نكدا ، أي : لا منفعة فيه.
وقيل (٥) : إلا عسيرا (٦).
وقيل (٧) : إلا قليلا وهو واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ).
أي : لقوم ينتفعون بالآيات.
قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ)(٦٤)
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : البغض.
(٤) ذكره الرازي في تفسيره (١٤ / ١١٨) ولم ينسبه لأحد ، وابن عادل في اللباب (٩ / ١٧٢).
(٥) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٦٨).
(٦) في ب : إلا عسرا.
(٧) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٦٨).