__________________
ـ الكسب.
والأشاعرة بهذا يقفون موقفا وسطا بين المعتزلة والجبرية.
أدلتهم : ساق الأشاعرة الكثير من الأدلة النقلية والعقلية :
أولا : الأدلة النقلية :
استدلوا من النقل بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية :
فمن القرآن الكريم :
ـ قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)[الأنعام : ١٠٢].
ووجه استدلالهم من الآية أنها تدل على أن الله ـ تعالى ـ خالق كل شيء ، ولما كانت أفعال العباد أشياء فوجب كونه خالقا لها.
ـ قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)[الصافات : ٩٦].
ووجه الدلالة : أن الله ـ تعالى ـ خلق العباد وخلق الأشياء التي يصنعونها فخلقه شامل للعبد وما يكتسبه.
ومن الأحاديث النبوية :
ـ قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله خالق كل صانع وصنعته».
ووجه الدلالة ، أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء ، فهو الخالق للإنسان وما يفعل.
ـ قوله صلىاللهعليهوسلم : في دعائه «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فقيل : يا رسول الله ، أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما حدثت به؟! فقال صلىاللهعليهوسلم : «إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها هكذا وأشار إلى السبابة والوسطى يحركهما».
ووجه الدلالة أن الرسول صلىاللهعليهوسلم أرجع أمر الهداية والإضلال إلى الله ، فمعنى هذا أن ما يفعله العبد يكون بتقدير الله ، فدل ذلك على أن أفعال العبد مخلوقة لله.
ثانيا : الأدلة العقلية :
قالوا «إن فعل العبد ممكن ، وكل ممكن مقدور لله تعالى ، لشمول قدرة الله تعالى لجميع الكائنات الممكنات ، ففعل العبد مقدور لله تعالى فلو كان مقدورا للعبد أيضا على وجه التأثير للزم اجتماع مؤثرين على أثر واحد وهو ممتنع.
وقالوا كذلك «خالق الشيء لا بد أن يكون قادرا على إعادته مع علمنا بأن الواحد منا لا يقدر على كسبه ، وهذا دليل على أن ابتداء وجود كسبه كان بقدرة غير قدرته وهي قدرة الله تعالى».
وقالوا أيضا : «إن الأمة مجمعة على صحة تضرع العبد إلى الله تعالى أن يرزقه الإيمان والطاعة ويجنبه الكفر والمعصية ، ولو لا أن الكل بخلق الله تعالى لما صح ذلك ، إذ لا وجه لحمله على سؤال الإقدار والتمكين لأنه حاصل ، أو التقرير والتثبيت لأنه عائد إلى الحصول في الزمان الثاني وذلك عندهم بقدرة العبد.
الرابع : مذهب الماتريدية :
اتفق الماتريدية مع الأشاعرة في القول بأن أفعال العباد واقعة بقدرة الله تعالى ولهم فيها الكسب ، إلا أنهم اختلفوا مع الأشاعرة في معنى الكسب.
فالماتريدية ذهبوا إلى «إثبات أن للعبد قدرة وإرادة لها أثر في الفعل ، لكن لا أثر لها في الإيجاد والإحداث وإنما أثرها ينصب على وصف الفعل بكونه طاعة أو معصية ، فهذه القدرة متمثلة في القصد والاختيار للفعل ، وعلى أساس هذا القصد وذاك الاختيار يخلق الله للعبد القدرة على الفعل ، وعليه تكون نتيجة الفعل. ـ