ولادته (١) ، والغمام الذي أظله وقت غيبته عن أهله ، وحفظه نفسه عن جميع ما كان يتعاطاه قومه من عبادتهم الأصنام وتعاطيهم الفواحش ، فهو صلىاللهعليهوسلم كان بريئا من ذلك كله ،
__________________
ـ الشيطان في صورة ضفدع عند كتفه حذاء قلبه له خرطوم كخرطوم البعوضة ، وقد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه يوسوس إليه ، فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس.
قال السهيلي : والحكمة في وضع خاتم النبوة على جهة الاعتبار أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما ملئ قلبه إيمانا ختم عليه كما يختم على الوعاء المملوء مسكا أو درا ، فجمع الله تعالى أجزاء النبوة لسيدنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتممه وختم عليه بختمه ، فلم تجد نفسه ولا عدوه سبيلا إليه من أجل ذلك الختم ؛ لأن الشيء المختوم محروس ، وكذلك تدبير الله تعالى لنا في هذه الدار ، إذا وجد أحدنا الشيء بختمه زال الشك وانقطع الخصام فيما بين الآدميين ؛ فلذلك ختم رب العالمين في قلبه ختما يطمئن له القلب ، وألقى فيه النور ونفذت قوة القلب فظهر بين كتفيه كالبيضة.
الرابع : قال الحافظ : مقتضى الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا عند ولادته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وإنما وضع لما شق صدره عند حليمة ، وفيه تعقب على من زعم أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولد به ، وهو قول نقله أبو الفتح بلفظ : قيل : ولد به ، وقيل : حين وضع. ونقله مغلطاي عن ابن عائذ.
قال الحافظ : وما تقدم أثبت.
قال الشامي : وصححه في «الغرر».
ومقتضى أحاديث الختم أنه تكرر ثلاث مرات :
الأولى : وهو في بلاد بني سعد.
والثاني : عند المبعث.
والثالثة : ليلة الإسراء.
ينظر : سبل الهدى والرشاد (٢ / ٦٣ ـ ٧٠) والخصائص الكبرى (١ / ١٤٧) ودلائل النبوة للبيهقي (١ / ٢١٢ ـ ٢١٤) وشرح شمائل الترمذي (١ / ٧١) والروض الأنف (١ / ١٠٩).
(١) عن أبي العجفاء ـ رحمهالله تعالى ـ مرسلا قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «رأت أمي حين وضعتني سطع منها نور فضاءت له قصور بصرى».
وعن عثمان بن أبي العاص ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليلة ولدته ، قالت : فما شيء انظر إليه من البيت إلا نورا ، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول : ليقعن عليّ ، فلما وضعته خرج منها نور أضاء له البيت والدار حتى جعلت لا أرى إلا نورا.
وعن العرباض بن سارية ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «إني عند الله لخاتم النبيين ...» الحديث ، وفيه : «رؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات النبيين يرين ، وإن أم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام».
وروى الإمام أحمد وابن سعد بسند حسن عن أبي أمامة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قلت : يا رسول الله ، ما كان بدء أمرك؟ قال : «دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى بن مريم ، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام».
وفي خروج هذا النور معه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين وضعته إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منها. كما قال الله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)[المائدة : ١٦].
قال الإمام أبو شامة ـ رحمهالله تعالى ـ : وقد كان هذا النور الذي ظهر وقت ولادته ـ صلى الله ـ