فرعون [لعنه الله](١) قد كان جعل لقومه آلهة يعبدونها ؛ ليتقربوا بعبادتهم تلك الأصنام إلى فرعون ، على ما كان يعبد أهل الشرك الأصنام دون الله ، ويقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] [فقالوا](٢) : (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) التي جعلت لهم.
وقال آخرون : إن فرعون كان يعبد الأصنام والأوثان على ما عبد غيره.
وقال غيرهم : لا يحتمل أن يكون هو [عبد](٣) الأصنام ، ولكن [جعل](٤) لقومه الأصنام على ما ذكرنا.
ألا ترى أنه قال : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) ثم قال [اللعين](٥) : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ).
قال بعضهم (٦) : قوله : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ) يعني : رجالهم ، (وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) ؛ لأنه لا يحتمل قتل الأبناء ، ولم يكن منهم إليه صنع إنما كان ذلك من الرجال.
وقال بعضهم : قد كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل في العام [الذي قيل له : إنه يولد مولود يذهب بملكك ، ويغير دين أهل الأرض ، فلم يزل يقتلهم في ذلك العام [الذي قيل له : إنه يولد مولود يذهب بملكه](٧) ويترك البنات ، فذلك قوله : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) قيل : مسلطون عليهم.
فإن قيل لنا : ما الحكمة في ذكر هذه القصص والأنباء السالفة في القرآن؟
قيل : لوجوه ـ والله أعلم ـ :
[أحدها :](٨) أن فيها دليل إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ونبوته ؛ لأن هذه القصص والأنباء كانت في كتبهم [ثابتة](٩) مبينة ، وقد علموا أن لسانه كان على غير ما كانت كتبهم ، وعرفوا أنه لم يختلف إلى أحد ممن يعرف ذلك ؛ ليتعلم منه ، ولا سمع عن أحد منهم ثم أنبأهم على ما كانت ، دل أنه إنما عرف ذلك بمن يعلم علم الغيب.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) انظر تفسير ابن جرير (٦ / ٢٧).
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في أ.
(٩) سقط في أ.