أو أن (١) يقول (٢) لهم : استعينوا بالله بالنصر لكم والظفر ، واصبروا على أذاهم والبلاء.
(إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ).
يحتمل هذا وجهين :
[يحتمل](٣) أن يخرج ذلك من موسى مخرج الوعد لهم بالنصر والظفر على الأعداء ، وجعل الأرض لهم (٤) من بعد إهلاك العدو ، وهو كما ذكر (٥) في موضع آخر : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) [القصص : ٥] الآية.
ويحتمل أن يخرج ذلك منه مخرج التصبر (٦) على الرضاء بقضاء الله ـ تعالى ـ أن الأرض له يصيرها لمن يشاء ، فاصبروا أنتم على البلاء (٧) ، وارضوا بقضائه.
(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
قال الحسن (٨) : (وَالْعاقِبَةُ) ، أي : الآخرة للمتقين خاصّة ، وأمّا الدّنيا فإنها بالشركة بين أهل الكفر وأهل الإسلام ، يكون لهؤلاء ما لأولئك ، وأمّا الآخرة فليست للكفار إنما هي [للمؤمنين](٩) خاصّة ، وهو ما ذكر في آية أخرى : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ ...) [الزخرف : ٣٣] الآية ، فعلى ذلك هذا ، والله أعلم.
وقال غيره (١٠) : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي عاقبة الأمر بالنصر ، والظفر للمتقين على أعدائهم ، وإن كان في الدفعة الأولى عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) يخرج هذا على وجهين :
أحدهما : أن يخرج مخرج استبطاء النصر والظفر لهم ، كأنهم استبطئوا (١١) النصر
__________________
(١) في ب : وأن.
(٢) في أ : يقولوا.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : لهم الأرض.
(٥) في ب : وضع.
(٦) في ب : التصبير.
(٧) في ب : البلايا.
(٨) انظر البحر المحيط لأبى حيان (٤ / ٣٦٧).
(٩) سقط في أ.
(١٠) ذكره البغوي في التفسير (٢ / ١٨٩) وأبو حيان في البحر (٤ / ٣٦٧).
(١١) يقال أبطأ عليه : تأخر ، وأبطأ به : أخره ، واستبطأه : عده بطيئا. المعجم الوسيط (بطأ) (١ / ٦٠).