وليس من عمل السحر ، ولكن آية سماوية إذ (١) لو كان سحرا لتكلفوا في دفعه ، واشتغلوا بالسحر على ما اشتغلوا بسحر العصا والحبال ، فإذ لم يتكلفوا في ذلك ، [و](٢) لم يشتغلوا بدفع ذلك ، بل فزعوا إلى موسى ليكشف ذلك عنهم ، ووعدوه الإيمان به ، وإرسال بني إسرائيل معه ، دلّ فزعهم إليه في كشف ذلك عنهم على أنهم قد عرفوا أنه ليس بسحر ، ولكنه آية أقرّوا بها أنّها ليست بسحر ، وأنها آيات إلا أنهم فزعوا عند ذلك إلى موسى فقالوا : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ)(٣) : (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ووعدوه الإيمان به ، وبعث بني إسرائيل معه إن كشف عنهم الرجز.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) اختلف فيه (٤) :
قال بعضهم : (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) ما عهد لك أنك متى دعوته أجابك.
وقيل : (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أنّا متى آمنا بك وصدّقناك كشف عنا الرجز ، فقالوا : لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل.
قوله تعالى : (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٣٦) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ)(١٣٧)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ).
قيل (٥) : الرجز : ألوان العذاب الذي كان نزل بهم من الطوفان والجراد والقمل
__________________
(١) في أ : أن.
(٢) سقط في أ.
(٣) زاد في أ : ما عهد لك أنك متى دعوته إلي.
(٤) وقع في الأصول تقديم وتأخير في شرح ترتيب الآيات.
(٥) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤١ ـ ٤٢) عن كل من :
مجاهد (١٥٠٤٥ و١٥٠٤٦).
قتادة (١٥٠٤٧ و١٥٠٤٨).
ابن زيد (١٥٠٤٩).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٠٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ عن قتادة.
ولابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.