ويشبه أن يكون قوله : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، أي : قطع افتخارهم وتكبرهم الذي كانوا يفتخرون به ويتكبرون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
الحمد في هذا الموضع على أثر ذلك الهلاك يخرج (١) على وجوه ، وإلا الحمد إنما يذكر على أثر ذكر (٢) الكرامة والنعمة ، لكن هاهنا وإن كان نقمة وإهلاكا فيكون للأولياء كرامة ونعمة ؛ لأن هلاك العدو يعد من أعظم الكرامة والنعمة من الله ، فإذا كان في ذلك شر للأعداء والانتقام فيكون خيرا للأولياء وكرامة ، وما من شيء يكون شرا لأحد إلا ويجوز أن يكون في ذلك خير لآخر ، فيكون الحمد في الحاصل في الخير والنعمة.
والثاني : أنه يجوز أن يكون في الهلاك نفسه (٣) الحمد إذا كان الهلاك بالظلم ؛ لأنه هلاك بحق إذ لله أن يهلكهم ، ولم يكن الهلاك على الظلم خارجا عن الحكمة ، فيحمد عزوجل في كل فعل : حكمة.
والثالث : يقول : (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على إظهار حججه بهلاكهم.
«قوله عزوجل» : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(٤٩)
قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ).
اختلف فيه ؛ قال بعضهم : يراد بأخذ السمع والبصر والختم على القلوب : أخذ منافع هذه الأشياء ، أي : إن أخذ منافع سمعكم ، ومنافع بصركم ، ومنافع بصركم ، ومنافع عقولكم ، من إله غير الله يأتيكم به : [أي يأتيكم](٤) بمنافع سمعكم ، [ومنافع](٥) بصركم ، [ومنافع](٦) عقولكم ، فإذا كانت الأصنام والأوثان التي تعبدون من دون الله وتشركون في ألوهيته وربوبيته لا يملكون ردّ تلك المنافع التي أخذ الله عنكم ، فكيف تعبدونها وتشركونها في
__________________
(١) في ب : مخرج.
(٢) في أ : ذلك.
(٣) هكذا في الأصل ويحتمل أن تكون نفس والله أعلم.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.